وقوع الطلاق فيه على القبول دون الإعطاء؛ كما حكيناه عن الشامل، فلو قال به، لكان قولاً ثالثاً، ولم يصر إليه أحد.
ولقائل أن يقول: لا نسلم أن صورة الضمان مما يعتبر فيها القبول، بل يكفي فيها الإعطاء؛ كما حكيتم ذلك عن الجيلي، وعلى تقدير تسليم ذلك، فممكن أن يفرق بينه وبين صيغة الإعطاء؛ فإنه لما كان القبول فيا متعيناً مع اشتراطا لفورية شابهت عقود المعاوضات؛ فغلبنا شائبة المعاوضة؛ لقوة الشبه، بخلاف صورة الإعطاء؛ فإنها لما خلت عن اعتبار اللفظ، ووجدت صيغة التعليق، لم تشابه عقود المعاوضات؛ فغلبنا فيها شائبة التعليق، ويكون هذا اختيار الشيخ وإن لم يقل به أحد، كما اختار في إذا أن حكمها حكم متى على ما هو في المهذب.
واعلم أن ابن يونس قال في هذا الموضع: وأما الصورة الثالثة والرابعة، فالذي ذكره الشيخ- رحمه الله-: أن له الرجوع قبل القبول، وهذا الكلام يفهم أن ذلك يحتاج إلى القبول، [وهو مسلم في الصورة الثالثة، وأما الصورة الرابعة، فلا يعتبر فيها القبول].
فرع: إذا قال لامرأتيه: طلقتكما بألف فقبل قبولهما، هل يجوز للزوج الرجوع؟ فيه وجهان:
وجه عدم الجواز: أن كلامه يتضمن تعليق طلاق كل واحدة منهما بقبول صاحبتها؛ إذ لو لم تقبل، لما وقع الطلاق، وتعليق الطلاق لا يقبل الرجوع؛ حكاه في المهذب.
قال: وإن قال: متى ضمنت لي ألفاً أو: متى أعطيتني ألفاً فأنت طالق جاز القبول- أي: والعطية- في أي وقت شاءت؛ وكذا لو قال: في أي وقت، أو: في أي زمان، أو: حين، أو: مهما؛ لأن هذا اللفظ صريح في التراخي، ونص عليه، لا يحتمل سواه؛ بدليل ما لو قال: متى أعطيتني الساعة، كان محالاً، وما كان كذلك، فلا يتغير بالقرائن؛ لأ، النص لا يتبدل معناه، ولا ينقسم مقتضاه؛ كذا قاله في الذخائر؛ وهذا بخلاف جانب المرأة؛ فإنها لو قالت:[متى طلقتني، فلك ألف]، اختص الجواب بمجلس التواجب.