للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما شبه ذلك بما إذا نكحت الحرة عبداً؛ على أن تكون رقبته صداقها؛ فإنه لا يصح النكاح، وكما لا يجوز أن يكون الرجل ناكحاً وصداقاً، لا يجوز أن تكون المرأة منكوحة وصداقاً.

وقد يعترض على ذلك، فيقال: المفسد هو التشريك من جهة واحدة، إذا زوجها من رجلين، وهذا التشريك بجهتين مختلفتين؛ فيشبه أن يلتحق بما إذا زوج أمته ثم باعها، أو أصدقها امرأة. وأما المسألة الأخرى، فسبب البطلان فيها: ملكُ الزوجةِ الزوجَ، وهذا المعنى لو عَرَضَ رُفع النكاح؛ فإذا قارن ابتداءه منع الانعقاد.

وقال القفال: إن سبب البطلان التعليق والتوقيف؛ فلا يبطل ما لم يضم إليه: ومهما انعقد نكاح [ابنتي، فقد انعقد لي نكاح] ابنتك؛ إذ هو المراد من الشغار، مأخوذ من قولهم: شغر الكلب رجله، أي: لا ترفع رجل ابنتي حتى أرفع رجل ابنتك، وكان ذلك [من] عادة العرب؛ لأَنَفَتها من التزويج.

هكذا حكاه ابن يونس عنه، وفي كلام الغزالي في "الوسيط" [ما يدل] عليه، ثم قال: لو اقتصر على شرط التزويج في العقد وعلى إصداق البضع صح العقد؛ لأن عقد النكاح لا يفسد بالشرائط الفاسدة، وما ذكره القفال أقيس، وما ذكره الجمهور إلى الخبر أقرب، وظاهر كلام الرافعي أن القفال استنبط ذلك من قوله: على أن تزوجني ابنتك؛ إذ من عادة العرب ذلك؛ لأجل أنفتها، وإلا فتفسير الشغار في الخبر ليس فيه تعليق.

وقال في "التتمة": إِنْ قَصَدَ بذلك تعليق الانعقاد بالانعقاد، ووجد ما يدل صريحاً أو كناية- فالعقد باطل، وإن قصد به المواصلة، أو قصد [به] إخلاء النكاح من الصداق؛ حتى لا يُلْزَم بَذْلَ مَالٍ- فالنكاح صحيح، ولكل واحدة مهر المثل، فلو قال: زوجتك ابنتي على أن تزوجني [ابنتك]، وقَبِلَ الآخر، ولم يجعل البضع صداقاً- فأصح الوجهين: الصحة؛ إذ لم يوجد تفسير الشغار في

<<  <  ج: ص:  >  >>