وقد أفهم قول الشيخ:"فهو كالحيض .. " إلى آخره: أن المتحيرة، والذاكرة للعدد الناسية للوقت، والذاكرة للوقت الناسية للعدد- لا تكون في النفاس. ولا شك في أن المتحيرة لا تتصور في النفاس؛ بناء على المذهب المشهور [في أن] من عادتها ألا ترى نفاساً أصلاً إذا ولدت، ورأت الدم، وجاوز الستين-أنها كالمبتدأة؛ لأنه حينئذ يكون ابتداء نفاسها معلوماً وبه ينتفي التحير.
وأما الذاكرة للعدد الناسية للوقت: فيتصور بأن تقول: عادتي أن أنفس عشرة أيام، وما أدري هل كنت أراها عقب الولادة أو [بعدها] وقيل: تقضي مدة أقل الطهر من حين الوضع.
أو تقول: كنت أعلم أني لا أراه في أول يوم الولادة، ولا أعلم هل كنت أراه في ثانيه أو ثالثه أو رابعه؟ وهكذا إلى تمام أربعة عشر يوماً.
وإذا تصور ذلك أمكن أن نجعلها كالذاكرة للعدد الناسية للوقت في الحيض، وإن لم أره للأصحاب؛ ولعل تركهم لذلك بناء على ما سلف في أن ذات الجفوف إذا رأت الدم [وأطبق بها] حتى جاوز الستين يكون لها نفاساً.
نعم، هل تكون العشرة التي هي عادتها تعقب ولادتها أو لا؟ فيه نظر، والله أعلم.
وأما الناسية للعدد الذاكرة للوقت فتصورها سهل، وقد صرح الأصحاب فيها بقولين:
أحدهما: أنها كالمبتدأة، وهو ما رجحه الإمام؛ لأن ابتداءه معلوم.
والثاني: أنها تأخذ بالأحوط في قضاء الصلوات.
ولا تتصور فيما عدا ذلك؛ لأنا لا نأمرها بالاحتياط إلا عند مجاوزة الدم أكثر النفاس، وحينئذ يحكم بانقطاع حكم النفاس يقيناً؛ فلا يبقى معه احتياط في المستقبل.
وفي "تعليق القاضي الحسين": أنا على قول الاحتياط نأمرها بالصوم، وتقضي وتصلي، ولا يأتيها زوجها أبداً. وهذا قد يستنكر؛ لما ذكرنا.
وجوابه: أن هذا ليس لاحتمال أن يكون زمن صيامها وصلاتها ووطئها نفاساً؛ ولكن لأنه يجر لبساً في ابتداء دورها في الطهر والحيض، وإليه أشار الإمام.