والثاني: غالب نفاس النساء. وهذا لم أره في غيره، وإن اقتضاه التخريج- كما ذكرنا- بل قال الأصحاب: لو كانت عادة المرأة أن تلد ولا تنفس إذا ولدت، وولدت واستحيضت- فهي كالمبتدأة في النفاس؛ فيجري فيها القولان، حكاه الإمام وغيره.
ولهؤلاء أن يقولوا: لا نسلم أن تعليل رد المبتدأة في الحيض إلى أقله يقتضي ألا يجعل لها نفاس أصلاً؛ بل مقتضاه: أن يجعل لها نفاس؛ لإجماعهم على أن المبتدأة ما رأته من الدم حيض، وإن احتمل أن يكون جميعه دم فساد، وهو يدل على أن مرادهم باليقين في القدر، لا في أصل الوجود، والله أعلم.
وما ذكره الشيخ في الأحوال الثلاثة هو المذهب في "تعليق البندنيجي" و"الكافي"، والأصح في غيرهما، ووراءه وجهان:
أحدهما: أن الدم إذا جاوز الستين كانت الستين نفاساً، وما زاد استحاضة، وقد نسبه المتولي إلى المزني، وحكاه في "العدة" قولاً عن الشافعي والصورة كما ذكرنا.
والثاني: أن النفاس ستون، وما زاد عليها حيض بشرطه.
قال ابن الصباغ: وهذا بناء على قولنا: إنها إذا رأت الدم قبل الولادة يكون حيضاً إذا قلنا: [إن] الحامل تحيض، وهو ما حكاه الإمام عن الشيخ أبي حامد، وقال: إنه متروك عليه.
والفرق بين أن يتصل الدم بآخر النفاس وبأوله: أن الدم المتصل بأوله قوي يتخلل الولادة؛ فإن الولادة إذا تخللت أقوى من الطهر يتخلل، ولا كذلك إذا [ما] اتصل بآخره.
ومحل هذا الوجه – كما قال الماوردي- فيمن لم تكن مبتدأة بالحيض والنفاس، أما المبتدأة بهما: فلا خلاف في أن ما جاوز الستين استحاضة.
نعم، هل يكون نفاسها الستين، أو ما سلف؟ فيه الخلاف، وكلام الرافعي كالصريح في أن الخلاف في المعتادة كالمبتدأة؛ لأنه لما ذكر أن ظاهر المذهب ما