قولاً مخرّجاً لما ذكرناه، وقال: إنه متجه في القياس، ولكنه ليس بالمذهب؛ فلا اعتبار به، وسأذكر عن الماوردي حكاية قول مثله في نظير المسألة.
وأمَّا في الصورة الثانية فقد حكى الأصحاب في السريان قولين:
أحدهما: المنع؛ لأن العتق في هذه الحالة وقع عن الميت بدليل أن الولاء له، وإذا وقع عن الميت لم يقوم على غيره، وهذا ما نقله المزني في "الجامع الكبير"، واختاره ونقله إلى "المختصر" في آخر باب كتابة بعض عبد، ونصره.
وقال أبو إسحاق: لا يختلف قول الشافعي- رضي الله عنه- أن الولاء لأبيهما؛ فوجب ألا يقوم عليه.
والثاني- وهو الذي صححه الشيخ أبو حامد-: أنه يقوّم عليه كما قلنا في المسألة الأولى؛ لما ذكرناه من التعليل، وما ذكر من كون الولاء لأبيهما لا يدلُّ على عدم السريان والقويم؛ لأنه قد يقع [العتق] والولاء لشخص، وتكون القيمة على غيره؛ فإن أحد الشريكين لو قال لصاحبه: أعتق نصيبك عني على ألف، فأعتقه [فإنه يسري على المباشر للعتق، وكذلك لو قال أجنبي لأحدهما: أعتق نصيبك عني على ألف، فأعتقه] فإنه يسري إلى نصيب شريكه، ويكون العتق عن السائل والولاء له، والتقويم على المباشر، كذا حكاه في "البحر" وكذا ابن الصباغ في الصورة الثانية.
ثم مقتضى ما ذكره أبو إسحاق من كون الولاء لأبيهما؛ تفريعاً على عدم التقويم- أن يكون ثمرة الولاء بين الذي أبرأ وبين الذي لم يبرئ؛ لأن ثمرة ولاء أبيهما لهما، وقد حكى في "البحر" أن صاحب "التلخيص" قال في "المفتاح": "في الولاء قولان:
أحدهما: هذا.
والثاني: يكون لمن أعتق على حكم الكتابة، يعني الابن المبرئ خاصة.
وابن الصباغ والبندنيجي والقاضي الحسين حكوا هذا الخلاف وهجين، ورجح الإمام الوجه الأول، وقال عن الوجه الثاني: إنه لا وجه له وإن كان مشهوراً.