للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون للمرأة في كل شهر حيضة، وحمل أمرها على تباعد الحيض وتكليفها الصبر إلى سن اليأس فيه مشقة عظيمة، وضرر بين؛ فلا وجه لاحتماله بتجويز مجرد على خلاف الغالب، بخلاف العبادات فإن المشقة فيها أهون؛ ولأجل هذا قال الإمام: إنا إذا رأينا أن نرد المبتدأة إلى سبعة أيام أو سبعة في ثلاثين يوماً، ونحكم لها بالنقاء ثلاثة وعشرين يوماً؛ فيتجه أن نقدر حيض المتحيرة سبعة في كل ثلاثين؛ فإنه لا فرق بينها وبين المبتدأة في ذلك، فلنقدر لها سبعة أيام في شهر رمضان.

ثم قد تفسد ثمانية أيام بسبعة؛ فيصح لها اثنان وعشرون يوماً.

وليس هذا عوداً إلى القول الضعيف: أنها كالمبتدأة؛ لأن المبتدأة نحيضها من أول الدور، ثم تبنى أدوارها على ذلك الأول، ولا يتأتى ذلك على قول الاحتياط هنا.

وهذا متجه لا ينقدح غيره، وأقصى ما يتخيله الفارق: أن المتحيرة قد كان لها عادة؛ فلا نأمن أن تخالف تلك العادة لو رددناها إلى الغالب، والمبتدأة ما سبقت لها عادة، وهذا الفرق لا يرتضيه الفقيه؛ فإن المبتدأة ربما كانت تحيض عشرة لو لم تستحض، والله أعلم.

الثاني: أنها تقضي الصلوات؛ لأنها يحتمل أن تكون في وقت صلاتها حائضاً، ثم ينقطع الدم بعد ذلك، والذي جزم به البندنيجي والغزالي في "الوجيز" عدم القضاء، وهو في "الشامل" محكى عن أبي إسحاق، ولم يورد سواه.

وقال الروياني في "تلخيصه": إن الشافعي نص عليه، ووجهه: أن قضاءها يفضي إلى حرج شديد، والله يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

وعن ابن سريج: أنها تقضي الظهر والعصر عند غسل المغرب، والمغرب والعشاء عند غسل الصبح؛ لأنه يجوز أن ينقطع دمها قبل المغرب بركعة؛ فيجب عليها صلاة الظهر والعصر ولا تجزئها صلاة في مثل ذلك الوقت، وكذلك يجوز أن ينقطع [دمها] قبل صلاة الفجر بركعة؛ فيلزمها المغرب والعشاء، كذا حكاه عنه الماوردي.

وغيره يعزي إلى ابن سريج: أنها تقضي كل الصلوات؛ كما تقضي الصوم لما ذكرناه، ويعزى هذا إلى [أبي زيد].

<<  <  ج: ص:  >  >>