للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبي محمد من بعد، ويدل عليه أن لفظ الغزالي إذا حبس المكري الدابة التي استأجرها استقرت عليه الأجرة، وإن لم يستعملها حتى مضت المدة في حبسه؛ سواء كانت الإجارة واردة على عين الدابة أو على الذمة.

وفي التتمة: أنه إذا التزم في ذمته عملاً من الأعمال ثم سلم نفسه إليه ليستعمله.

وقلنا: إن تسليم النفس في الإجارة على منفعة محصورة يحصل تسليمها أو سلم عبده ليستعمله، أو أذن لعبده حتى التزم في ذمته عملاً وسلم نفسه- هل تستقر الأجرة بمضي مدة يمكن فيها الإتيان بذلك الفعل أم لا؟ فيه وجهان:

قلت: ولا بد مع ذلك من ملاحظة إجبار من له دين حال في ذمة إنسان بذله إليه لقصد براءة الذمة لا غير، أما إذا لم يجبره على قبضه فلا يتجه الاستقرار أصلاً.

قال: ويجوز أن يعقد على [عمل] معجل ومؤجل [كالسلم]؛ وصورة المعجل أن تقول: أسلمت إليك في خياطة هذا الثوب حالاً [أو ألزمت ذمتك خياطة هذا الثوب حالاً أو استأجرتك على تحصيل خياطة هذا الثوب حالاً].

وصورة المؤجل: أن يقول ما ذكرناه ويذكر بدل قوله حالاً إلى شهر مثلاً.

قال: وإن هلكت العين [أو غصبت أي العين] التي سلمها الآجر للمستأجر؛ ليستوفي منها ما في الذمة لم تنفسخ الإجارة بل يطالب بالبدل؛ لأن المعقود عليه ما في الذمة، وهو باق وليس للمستاجر في هذه الحالة مطالبة الغاصب بالأجرة اتفاقاً.

ومن هذا يظهر أنها إذا تعيبت لا فسخ له، بل يردها ويطالب ببدلها من طريق الأولى.

واعلم أن العين المسلمة عن هذه الإجارة وإن لم ينفسخ العقد بتلفها؛ فإنه يثبت فيها حق واختصاص حتى يجوز له إجارتها.

ولو أراد المكري إبدالها، فهل له ذلك دون رضى المكتري؟ فيه وجهان:

أصحهما عن المعظم: لا؛ لما فيها من حق المكتري.

والثاني عن الشيخ أبي محمد: أنه يفرق بين أن يعتمد اللفظ الدابة بأن يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>