لكافر لا يرجى إسلامه دون ما إذا كان مرجو الإسلام، وكذا كتابة كافر القرآن كما صرح به الماوردي؛ لأنه ممنوع من مس المصحف، وكذا الحائض لكنس المسجد، وقطع عضو سليم من آدمي أو غيره أو سن صحيح أو الختان في وقت الحر الشديد والبرد الشديد، أو في صغير لا يحتمل ألمه كما صرح به القاضي الحسين، وأبدى في الوسيط احتمالاً في جواز استئجار الحائض لكنس المسجد وإن كانت تعصى به كما تصح الصلاة في الأرض المغصوبة.
وحكى في الإبانة قبيل باب الصيد والذبائح: أن مسلماً لو أجر نفسه لذمي ليبني له كنيسة قال الشافعي: كرهته فمنهم من قال هي كراهة تحريم فإذا عمل لا يستحق أجرة.
ومنهم من قال: بل كراهة تنزيه، ويصح العقد ويستحق الأجرة؛ لأن الكنيسة ما هي إلا بناء قلعة يسكنها كما يسكن الدار، أما الاستئجار على حمل الخمر للإراقة فجائز، كالاستئجار على كنس الخلاء وحمل الجيفة إلى المزبلة، وكذا الاستئجار لقطع يد متآكلة إذا قلنا بجواز القطع إذا صعب الألم وقال أهل الخبرة: إنه نافع.
وعن الشيخ أبي محمد: أنه لا يجوز القطع في هذه الحالة أيضاً؛ لأن القطع إنما ينفع إذا وقعت الحديدة على محل صحيح، فعلى هذا يمنع الاستئجار.
وقد قيل بمنع الاستئجار عليه مطلقاً، وهو مطرد في الاستئجار على قلع السن الذي كثر ألمه، وقد صار إلى [تصحيحه] فيهما القاضي الحسين وقال: إنما ينعقد جعالة؛ لأن الوجع يهيج ثم يسكن فلا يتحقق إمكان الوفاء بهذا العمل.
ورأى الإمام تخصيصه بالقلع؛ لأن احتمال فتور الوجع في الزمان الذي يفرض فيه القلع غير بعيد، أما زوال الآكلة في زمان القطع فإنه غير محتمل، وأجرى الخلاف في الاستئجار للفصد والحجامة وبزغ الدابة؛ لأن هذه إيلامات إنما تباح للحاجة وقد تزول الحاجة.
تنبيه: كلام الشيخ مصرح بأن الغناء حرام وكذلك ابن الصباغ حيث قال في باب بيع البراءة: أن استئجار الجارية للغناء لا يصح فإن حرام، وكلام القاضي أبي الطيب في باب بيع المصراة يقتضي خلافه فإنه قال: وأما قول مالك: إن الغناء حرام فلا نسلم [ذلك] وإنما قال الشافعي: إنه لهو ولعب وسخف وليس من أخلاق الدين.