وأما في الدراهم والدنانير؛ فلأن منفعة التزين من النقدين لا تقصد إلا نادراً، والأغالب سواها، وهو التصرف فيها فصار حكم الأغلب هو المغلب، وإذا كان كذلك فكأن لا منفعة مع أن ما قصده فيه غررو فلا يعان عليه؛ ولأن هذه المنفعة لا تضمن بالغصب فلم يصح عقد الإجارة عليها كوطء الأمة.
والوجه الثاني: الجواز؛ لأن هذه منافع تستباح بالإعارة فاستحقت بالإجارة كغيرها من المنافع، وهذا ما اختاره في مسألة الكلب صاحب المرشد والبحر، وكذلك الإمام في باب بيبع الكلاب، وقال: لا يتجه عندنا تخريج الخلاف فيه على أن المعقود عليه العين أو المنفعة، فإن هذا يبطل بإجارة الجرو.
وقال الجيلي: إنه مبني عليه، وخرجه الماوردي على الخلاف في أن منافع الكلب مملوكة أو مستباحة، واختار ابن أبي هريرة صحة استئجار الفحل للضراب.
قال الرافعي في البيوع: ويجوز أن يعطي صاحب الأنثى صاحب الفحل شيئاً على سبيل الهدية أي على الوجهين:
واختار القاضي الطبري صحة إجارة الدراهم والدنانير كما حكاه عنه في البحر، وحكم إجارة الكلب للحراسة وجلد الميتة [كما حكاه القاضيالحسين حكم إجرة الكلب للصيد وحكم إجارة الأغنام لوجه من وجوه الانتفاع].
كما حكاه مجلي عن الشامل أو الطعام ليعاير به مكيالاً. كما قاله الماوردي، أو لتزيين الحوانيت- كما أبداه الإمام تخريجاً- حكم إجارة النقدين، والذي جزم به القاضي الحسين عدم الصحة في إجارة الطام للزينة، وعلى ذلك جرى في الوسيط وألحق الماوردي وغيره بصور الخلاف إجارة الأشجار للاستظلال بها أو لتجفيف الثياب عليها، أو لربط المواشي أو السفن إذا كانت هذه المنافع غير مقصودة منها في العرف وجزم بالجواز فيما إذا صار ذلك مقصوداً من منافعها، وأطلق البندنيجي القول بجواز إجارتها لنشر الثياب عليها وربط الدواب فيها، وهذا ما حكى الرافعي أن بعضهم صححه وإن جرى الخلاف؛ لأنها منافع مهمة، وأجرى في التهذيب الخلاف في استئجار الببغاء للاستئناس بصوتها، وبالجواز أجاب المتولي فطرده في كل ما يستأنس [بصوته][أو بلونه]