ولو قال: إذا أقرضته عشرة، فأنا ضامن لها، فأقرضه خمسة عشر –كان ضامناً لعشرة على الوجهين؛ لأن من أقرض خمسة عشر، قد أقرض عشرة، والبيع بخمسة عشر ليس بيعاً بعشرة.
ولو أقرضه خمسة فقد وافق ابن سريج على أنه يضمنها.
قال الإمام: وهذا يخالف قياسه؛ لان الشرط لم يتحقق.
قال: وإن شرط ضماناً فاسداً في بيع، أي: مثل أن قال: بعتك هذا بدرهم على أن يضمنه لي فلان، على أنه بالخيار في الأداء –بطل البيع في أحد القولين دون الآخر، وتوجيههما قد تقدم في كتاب الرهن.
ولا نزاع في أنه لو شرط في البيع، أو في زمن الخيار: أن يضمن له نقص الغراس والبناء الذي يحدث في الأرض المبيعة عند خروجها مستحقة، وقلع ذلك- أن البيع باطل قولاً واحداً؛ كما صرح به القاضي أبو الطيب والبندنيجي وغيرهما.
قال: وللمضمون له مطالبة الضامن والمضمون عنه، أي: إذا كان الدين حالاً وضمنه على حكمه، أو أطلق، أو كان مؤجلاً وضمنه على حكمه، أو أطلق ثم حل: لقوله صلى الله عليه وسلم: "الزَّعِيمُ غَارِمٌ" ولم يفرق.
ولأنه دين حال على مليء؛ فجاز لمستحقه أن يطالب أيهما شاء؛ كالضامنين والغاصبين أحدهما من الآخر.
فإن قيل: لا نسلم أن الدين يبقى في ذمة المضمون عنه، بل الضمان نقله إلى ذمة الضامن فلا يملك المضمون له إلا مطالبته، كما صار إليه أبو ثور فيما حكاه عنه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ. ويدل على ذلك ما روى جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي قتادة لما ضمن الدينارين: "حَقُّ الْغَرِيمِ عَلَيْكَ وَبَرِئَ مِنْهُ