للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك القول في الحيض إذا انفرد، وتقريب قول الأصحاب أن يقال: إن سبق المني حكمنا ظاهراً بالبلوغ، وكذلك إن سبق الحيض، فإن سبق أحدهما ولحقه الآخر حكمنا بالبلوغ ربطاً، فالسابق منقوض لا محالة، فهذا المعنيُّ بقول الأصحاب: [لا نحكم] بالبلوغ.

قلت: وقد يظهر أن يقال: الوجه حمل ما قاله الأصحاب على ظاهره، ولا نحكم بالبلوغ ظاهراً كما أوله، وإن حكمنا بكونه ذكرا ًأو أنثى؛ لأن احتمال كون الخنثى المشكل ذكراً مساوٍ لاحتمال كونه أنثى؛ فإذا ظهرت صورة المني أو الحيض من محله في زمن الإمكان غلب على الظن أنه مني أو حيض، وإذا كان كذلك رجح أحد الاحتمالين، وبقي مقابله مرجوحاً، والعمل بالاحتمال الراجح متعين؛ فلذلك حكما بالذكورة أو الأنوثة، مع أنه لا غاية بعد ذلك محققة تنتظر، ولم نحكم بالبلوغ؛ لأن لنا أصلاً محققاً وهو الصِّبان وما وجد من مني أو حيض يجوز أن يحدث بعده ما يقدح في ترتيب الحكم عليه، فلا نزيل أصلاً محققاً بظن لم يشهد لمثله الشرع بمعارضة الأصول، فضلاً عن تقدمه عليها، مع أن لنا غاية [محققة ننتظرها] وهي استكمال خمس عشرة سنة، ولهذا الأصل نظائر في الشرعيات:

منها: إذا علق الطلاق بالولادة، فثبتت الولادة بشهادة النسوة: لا يقع الطلاق.

[ومنها: إذا علق الطلاق بغضبها فثبت بشاهد ويمين، فإنا لا نحمك بوقوع الطلاق].

ومنها: إذا ثبت رمضان بشاهد واحد لا نحكم بحلول الديون وإن أوجبنا صومه، والله أعلم.

ولو خرج المني من الذكر، والحيض من الفرج حكمنا ببلوغه على الأصح، وبه جزم أكثرهم، [وقال الشيخ أبو علي: إن نص الشافعي يدل على أنا لا نحكم ببلوغه]. ووجهه الإمام: بأن تعارض الخارجين يدل على انهما ليسا منيًّا ولا حيضاً، فإن الجبلة التي تنشئ المني لا تنشئ الحيض

<<  <  ج: ص:  >  >>