تنبيه: تقييد الشيخ امتناع الرجوع في مسألة الخلط بما إذا كان خلطه بالأجود يفهم انه إذا خلطه بمثله أو بما [هو] دونه: أن الرجوع لا يمتنع، وهو كذلك على الصحيح، وادعى ابن الصباغ أن المذهب لا يختلف فيه؛ لأن عين ماله موجودة من جهة الحكم، بخلاف ما إذا خلط بالأجود. لكنه إذا خلط بالمثل قسم المال بينهما بالسوية، فإن لم يطلب القسمة، ولكن طلب البائع البيع، فهل يجبر عليه المفلس؟ فيه وجهان. وإذا خلط بالأردأ إن رضي البائع بأخذ مكيلته منه، فلا كلام، وإن لم يرضَ فوجهان:
أحدهما – وهو الصحيح -: أنه ليس له إلا ذلك إن رجع، وله المطالبة بالبيع وجهاً واحداً، كما هو في "الشامل" و"الحاوي".
والثاني: أن ذلك يباع، فإذا كانت قيمة المبيع درهمين، وقيمةُ المخلوط به درهمٌ؛ دُفِعَ للبائع الثلثان من الثمن، وهذا قول أبي إسحاق، وقد خرج بعض الأصحاب فيما إذا خلط المبيع بمثله أو بما دونه قولاً مما إذا خلطه بالأجود: أنه لا يثبت للبائع حق الرجوع، وأيد بأن الحنطة المبيعة إذا انثالت عليها حنطة أخرى قبل القبض انفسخ العقد على قولٍ؛ تنزيلاً له منزلة التلف، والقائلون بالصحيح قالوا: الملك قبل القبض غير مستقر؛ فلا يمتنع تأثره بما لا يتأثر به الملك المستقر.
قلت: والظاهر صحة التخريج [عند الخلط بالمثل]، ويؤيده أن الصحيح عند أبي الطيب الطبري، والظاهر من نص الشافعي فيما إذا خلط المغصوب بالمثل: أن الغاصب مخير بين أن يدفع إليه منه أو من غيره، ولولا [أنه] كالمفقود لما خيره.
ولو خلط الزيت بالشريج، ودقيق القمح بالشعير ونحو ذلك؛ فلا رجوع له في عين المبيع، وهل يسقط حقه من ثمنه بعد اختلاطه؟ على وجهين، أحدهما – وهو قول أبي علي بن أبي هريرة -: أن حق البائع لا يبطل فيباع الجميع، ويدفع للبائع ما قابل ثمن [الزيت، وإلى غرماء المفلس ما قابل ثمن] المخالط، كذا قال الماوردي. وأبدى الإمام احتمالاً في جواز الرجوع، قال: سيما على قولنا: إن فائدة الرجوع فيما إذا