للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمراد بالنفقة: قوت مثله الذي لا يستغني عنه، ولا يعتبر في ذلك شهواته وملاذُّه. وما الواجب من نفقة الزوجات؟ قال الإمام: نفقة المعسرين. قال الرافعي: وفي التجريد للقاضي الروياني: أنه ينفق عليهن نفقة الموسرين، وهذا قياس الباب، ولو كان ينفق نفقة المعسرين لما أنفق على الأقارب.

قلت: ما ذكره الإمام هو الحق، وعليه ينطبق [أكثر ما قيل في] حد المعسر [في النفقات]، بل كله كما ستقف عليه.

ووجوب نفقة القريب قد حكى الزبيلي من أصحابنا في "أدب القضاء" له: أنه لا ينفق على ولده، والدين أولى منه؛ لأن نفقة الولد مواساة والدين لازم، وعلى تقدير تسليم الحكم – كما ادعى الإمام اتفاق الأصحاب عليه – فهو مشكل.

تنبيه: محل وجوب الإنفاق على الزوجة إذا كانت في العصمة قبل الحجر، أما إذا تزوجها بعد الحجر فلا ينفق عليها من المال، صرح به المتولي والرافعي في كتاب النكاح، والفرق: أن القياس يقتضي أن ما عدا نفقة يوم الحجر لا يجب للزوجة على الجديد، ولا للقريب [فيه]؛ لأنها تجب يوماً فيوماً، والحال الذي يجب فيه المال قد سبق تعلق حقوق الغرماء به؛ فأشبه ما إذا كان مرهوناً خالصاً.

ذلك فيما إذا كانت الزوجة متقدمة؛ لأنها سبب الوجوب، فأقمناها مقامه، وكذلك القرابة، وذلك منتفٍ فيما إذا تأخرت الزوجية؛ فأعملنا القياس.

فإن قيل: مقتضى ما ذكرت ألا تجب نفقة قريب تجدد بعد الحجر.

قلت: تجدده كالأرش [يتقاعد عن] جناية صدرت [من عند المفلس] بعد تعلق حق الغرماء به، ومع هذا يقدم عليهم؛ كي لا يضيع حقه؛ فكذلك هنا.

ثم وجوب الإنفاق على الأقارب لك أن تستنبط منه أن سكنى المفلس وملبسه، وما ينام عليه ويستعمله في وضوئه وأكله وشربه – مما لا غنى لمثله عنه – يخرج من المال

<<  <  ج: ص:  >  >>