وقد يفهم من العلة الثانية: أن الحجر يتعدى لنفسه، حتى لا يصح منه بيع شيء في ذمته سلماً، ولا شراؤه لشيء بثمن في ذمته كالسفيه، وهو قول حكاه الإمام. ومن العلة الأولى: أن الحجر لا يتعدى إلى ما يتجدد له من الملك بعد الحجر بسبب البيع، والشراء، والاحتطاب، والاحتشاش، وغير ذلك، بل يتصرف فيه كيف شاء، [وهو وجه رواه المراوزة]، وأنه إذا باع ما وقع عليه الحجر، أو وهبه بإذن الغرماء نفذ تصرفه كما في المرهون، وهو في البيع احتمال أبداه الإمام، وجعله الغزالي أظهر الوجهين، وفي الهبة قول حكاه الشاشي عن الماوردي؛ قياساً على هبة العبد بإذن سيده، والصحيح - وبه جزم العراقيون - صحة بيعه وشرائه بثمن في الذمة، وتعدي الحجر إلى ما يتجدد له من ملك.
ولنا قول آخر في أصل المسألة، [في المذهب الجديد، كما حكاه الإمام في كتاب الإقرار]: أن تصرفه موقوف كتصرف المريض: فإن وفي ماله بديونه بسبب ارتفاع الأسواق، أو استفادة مال، أو إبراء بعض الغرماء - نفذ تصرفه، وإلا فسخ الأضعف فالأضعف، والأضعف الهبة، ثم البيع، ثم الوقف والكتابة والعتق.
قال الشيخ في "المهذب": ويحتمل عندي أن يفسخ الآخِر فالآخِر، كما في تبرعات المريض. وفي "الحاوي": أنه يبدأ من تصرفاته بنقض ما ليس في مقابلته عوض كالهبة والعتق، فإن لم يَفِ فسخت الكتابة قبل البيع، فإن لم يَفِ المكاتب نظر في البيع: فإن كان بدون ثمن المثل نقض، وإن كان بأكثر [من ثمن المثل]، والثمن باقٍ أجيز العقد ولا ينقض.
وإن كان ثمنه قد أتلفه المشتري فسخ؛ لأن العين ترجع إلى الغرماء، ويبقى الثمن في ذمة المفلس، وإن كان قد باعه بثمن المثل، والثمن مقبوض تالف فسخ؛ لما ذكرناه.
وإن كان باقياً نظر: إن زادت قيمة الثمن، أو نقص سعر المبيع لم ينقض، وإن كان