للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه قد جاء في بعض طرق الحديث من اشترى شيئاً فوجب له فهو بالخيار إلى أن يفارقه صاحبه و [المراد] بالتفرق: أن يتفرقا بالأبدان عن مجلسهما الذي تبايعا فيه لا في الأقوال على المذهب؛ لأنه جاء في بعض طرق الحديث أيضاً "ما لم يتفرقا عن مكانهما الذي تبايعا فيه" وروى عن ابن عمر أنه كان إذا باع بيعاً مشى أذرعاً، وهو راوي الحديث، وأعرف بتفسيره وقد قال ابن سلمة: وهو من أهل اللغة: العرب تقول: افترقا بالأقوال وتفرقا بالأجسام.

وفي زوائد العمراني حكاية وجه عن الفروع: أن الخيار ينقطع إذا شرعا في أمر آخر، وأعرضا عن أمر العقد، وطال الفصل.

والمذهب الأول لما ذكرناه.

ثم الرجوع فيما يحصل به التفرق إلى العرف، فإن الشرع علق عليه حكماً، ولم يبينه ولا له لفظ يحصره من حيث اللغة، فيرجع فيه إلى العرف كالحرز في السرقة، ثم ذلك يختلف باختلاف الأماكن فإن كانا في دار صغيرة، أو سفينة صغيرة، فالتفرق أن يخرج أحدهما.

ولو كانا قريبين من الباب فخرج أحدهما، ومشى خطوتين مثلاً، حصل التفرق أيضاً على الظاهر عند الإمام.

وإن كانت الدار كبيرة فيصعد السطح، أو يدخل من صحنها إلى صفة أخرى، أو يخرج إلى دهليزها.

وفي السفينة الكبيرة يصعد أحدهما إلى أعلاها، ويبقى الآخر في أسفلها وإن كانا في صحراء فالمعتبر أن يصير إلى مكان، لو أراد التخاطب لافتقر إلى رفع الصوت رفعاً يزيد على المعتاد.

وضبط الشيخ في "المهذب" التفرق من غير [تعرض إلى ما] ذكرناه من الأحوال بأن: يتفرقا إلى موضع لو كلم أحدهما صاحبه على العادة لم يسمع كلامه.

وحكى ابن الصباغ هذا الضابط عن الإصطخري.

<<  <  ج: ص:  >  >>