لأن خير المجالس ما استقبل به القبلة، ولأنه لابد [لها] من جهة، فكانت جهة القبلة أولى، وذلك في الأضحية ونحوها أشد استحباباً؛ لأنه- عليه السلام- وجه كبشه إلى القبلة. وروي عن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ضحوا وطيبوا أنفسكم؛ فإنه ليس من مسلم يوجه أضحيته إلى القبلة إلا كان دها وقرنها وصوفها حسنات [في ميزانه].
فإن قيل: هذه حالة إخراج نجاسة؛ فيكره استقبال القبلة بها؛ كحالة التغوط والبول.
قيل: الفرق أن هذه حالة يستحب فيها ذكر الله تعالى؛ فاستحب فيها استقبال القبلة؛ بخلاف تلك مع أن كشف العورة يلازمها.
وقد اختلف الأصحاب في كيفية توجيهها إلى القبلة على أوجه:
أظهرها في "الإبانة" وغيرها: أنه يوجه المذبح ولا يوجه وجهها؛ لأن استقبال القبلة في حقه مستحب، فلو وجهها لاحتاج أن يستدبر القبلة، ويجعلها على يساره، وهذا ما دَلَّ عليه النص؛ فإن البيهقي نقل عن الشافعي- رضي الله عنه- أنه قال: "أحبُّ في الذبيحة أن توجّه إلى القبلة، وإن استقبل الذابح القبلة فهو أحب إليَّ".
والثاني: أنه يوجه [جميع] بدنها.
والثالث: أنه يوجه قوائمها.
قال: ويسمى الله تعالى [عليها]، الأصل في مشروعية التسمية قوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١١٨]، وقوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤.
وقد سمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذبح أضحيته فقال: "بسم الله"، كما أخرجه البخاري ومسلم عن رواية عائشة، رضي الله عنها.
والأصل في كونها سنة حتى إذا تركت لم تؤثر في الحل: أن الله تعالى أحَلَّ ذبائح