وروى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"كل أنسيّةٍ توحشت، فذكاتها ذكاة الوحشية".
وهذا نص في الباب، وقد قال بهذا جمع من الصحابة، ومحله بالاتفاق إذا كانت الجراحة مزففة؛ لأنها حينئذ تلحق بقطع الحلقوم والمريء.
أما إذا لم تكن كذلك مع القدرة على التذفيف، فالذي قاله القفال والمحققون: عدم الحل؛ لأنه- عليه السلام- قال:"لو طعنت في خاصرته لحلَّ لك"، والجرح في الخاصرة مذفف.
وقد قال بعض الأصحاب: يكفي الجرح المدمي الذي يجوز وقوع القتل به، قال الرافعي: وهو ما أورده المعظم.
ولو ندَّ البعير، وشردت الشاة، وتعذر الوصول إليها؛ لإفضائها إلى مهلكة أو مسبعة- فحكمه كما ذكرناه.
[و] روى البخاري ومسلم وغيرهما عن رافع بن خديج في بقية الحديث السابق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصاب نهبي فند منها بعير، ولم يكن معهم حبل، فرماه رجل بسهم فحبسه- أي: أماته- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما فعل منها هذا، فافعلوا به مثل هذا". وروى:"فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا".
والأوابد: هي التي قد تأبدت، أي: توحشت [ونفرت من الإنس، يقال: أبد الرجل أبوداً؛ إذا توحش] وتخلى.
نعم: يختلف حكم البعير إذا ندَّ وإذا وقع في بئر؛ فإنه لو أرسل على الناد كلباً فقتله حل، ولو أرسل عليه وهو في البئر كلباً، ففي حله وجهان: أصحهما في "البحر": المنع.