قال: فإن ذبح به حَلَّ؛ لقوله عليه السلام:"ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكلوا" وهذا منوط بأمرين: أحدهما: ألا يكون كلالها غير قاطع بحده إلا بشدة الاعتماد وقوة الذابح، فإن كان كذلك لم يحل؛ صرح به الماوردي وغيره؛ لأنه يصير المنهر للدم هو الذابح دون الآلة.
الثاني: ألا ينتهي الحيوان قبل استكمال قطع الحلقوم والمريء إلى حركة المذبوح، أما إذا انتهى إلى ذلك فسيظهر لك ما نخرجه عليه [كما سيأتي] من بعد.
قال: وما قدر على ذبحه، أي: وحشياً كان أو إنسياً- لم يحل إلا بقطع الحلقوم والمريء.
اشتراط أصل الذكاة في حل المقدور عليه ثابت بالإجماع، وأما كيفيتها، فأقل ما يجزئ فيها عند [الإمام] الشافعي- رضي الله عنه – قطع الحلقوم والمريء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنهر الدم، وذكر اسم الله تعالى عليه فكلوا".
فاعتبرها بما أنهر الدم. وقطع الحلقوم والمريء منهر للدم؛ فتعلق به الإجزاء؛ ولأن بهما توجد الحياة، وبفقدهما تفقد الحياة؛ فإن الحلقوم- بضم الحاء والقاف-: مجرى النفس إلى الرئة، وهو في مقدم الرقبة.
والمريء- بالهمز-: مجرى الطعام والشراب، يلي الحلقوم. والمقصود بالذكاة: فوات النفس بأخف الألم؛ شداد بن أوس، وهذا ما نص عليه الشافعي- رضي الله عنه-.
وعن الإصطخري: أنه يكفي قطع أحدهما؛ لفقد الحياة بقطعه.
قال الماوردي: وهذا زلل منه؛ لأن المقصود بالذكاة ما عجل التوحية من غير تعذيب وفي قطع أحدهما إبطاء للتوحية وتعذيب للنفس؛ فلم تصح به الذكاة، نعم: لو قطع بعض الحلقوم والمريء: فإن قطع أقلهما، لم يجزئ، وإن قطع أكثرهما، ففي الحل وجهان:
أحدهما- وهو مختار القاضي الروياني في الحلية-: [الحل] والظاهر من المذهب- كما قال في "البحر" وغيره أنها لا تحل أيضاً، وهو الذي أورده البندنيجي، وكذا الإمام.