وقد رأى عليُّ رجلاً يسوق بدنة معها ولدها، فقال: "لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها، وإذا كان يوم النحر، فانحرها وولدها"، وليس يعرف له مخالف.
نعم: قال الشافعي: "لو تصدق به على المساكين، كان أحبَّ إليَّ".
فلو لم يفعل، قال في "الحاوي": فالأفضل أن يسلك فيه مسلك اللحم، فيشرب منه، ويسقي غيره، فإن [لم يفعل و] شرب جميعه جاز، وإن كرهناه.
فإن قيل: اللبن من نمائها، كالولد؛ فلم أجزتم [له] شربه دون التصرف في الولد؟
قلنا: قد حكى ابن كج عن تخريج أبي الطيب بن سلمة منعه من ذلك.
[لكن] الذي حكاه [العراقيون، و] القاضي الحسين- هنا- عن النص الأول، وفرقوا- كما قال ابن الصباغ، وأبو الطيب في باب الهدي- بثلاثة فروق:
أحدها: أن بقاء اللبن معها يضر بها ويؤذيها، وبقاء الولد لا ضرر فيه؛ فلهذا جوز له أخذ اللبن وإتلافه.
والثاني: أن اللبن يستخلف مع الأوقات، فما يتلفه يعود غيره؛ فجرت فيه المسامحة.
والثالث: أن اللبن لو جمعه لفسد، وبطلت منفعته، فجوز له شربه.
وأما المراوزة فاختلفوا فيه:
فجزم الفوراني بمنع الشرب من الهدي الواجب، وقال في المتطوع به: إن كان يضر [به]، لم يجز أيضاً، وإلا فطريقان:
منهم من قال: يجوز كلحكمه.
ومنهم من جعله كالركوب على وجهين.
والقاضي الحسين قال في المنذور: إن قلنا: لا يجوز ركوبه، فشرب لبنه أولى، وإلا فوجهان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute