وقد روى أبو داود بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يسوق بدنة، فقال:"اركبها"، فقال: إنها بدنة، قال: اركبها، ويلك في الثانية، أو الثالثة" وأخرجه البخاري ومسلم.
وهذا ما ذكره في "المختصر" هاهنا، وعليه جرى القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، والرافعي.
وحكى بعض الشارحين لهذا الكتاب: أن محل جواز ركوب الأضحية عند العراقيين إذا اضطر إلى الركوب؛ لقوله- عليه السلام- في البدن التي أهداها صاحبها: "اركبها بالمعروف، إذا ألجئت إليها، حتى تجد ظهراً"، [كما] أخرجه مسلم، أما إذا لم يضطر إليه فلا؛ لمفهوم الخبر.
وأن الخراسانيين أطلقوا وجهين في جواز الركوب إذا كان لا يضر بها.
وما ذكره عن الخراسانيين صحيح؛ لأنهم حكوا الوجهين في ركوب الهدي. وصحح منهم الفوراني الجواز.
وحكم الأضحية في هذا، وفي ولدها، و [في] لبنها، وجز صوفها، وإتلافها، وذبحها، ونقصانها بالعيب حكم الهدي؛ كما قاله في "المهذب".
وما ذكره عن العراقيين من عدم الجواز إذا لم يكن مضطراً، لم أره في طريقهم مصرحاً به.
نعم: قال في "المهذب": "يجوز ركوب الهدي بالمعروف، إذا احتاج إليه"، فأفهم أنه في غير حالة الاحتياج لا يجوز، وهذا إن كان قد تمسك به، فلا يوافق ما نقله؛ لأن الفرق بين الحاجة والضرورة [مفهوم] مشهور.