نعم: ذهب الأوزاعي إلى جوازها بالجذعة من جميع الأنواع، والحديث حجة عليه، وكذا قوله- عليه السلام- لأبي بردة بن نيار حين قال له:"عندي عناقُ جذعُ، وهي خير من شاتي لحم، فهل تجزئ عني؟ قال: نعم، ولن تجزئ عن أحد بعدك"، كما أخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهما، لأن العناق الأنثى من المعز ما لم يتم لها سنة.
وقد جاء في رواية عندي: داجناً من المعز" فقال: "اذبحها، ولا تصلح لغيرك".
قال الماوردي: وفي تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة بأجزائها عنه وجهان:
أحدهما لأنه كان قبل استقرار الشرع؛ فاستثناه.
والثاني: أنه علم من طاعته وخلوص نيته ما ميزه عمن سواه.
واختلفوا هل كان ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اجتهاد أو وحي على وجهين:
فإن قيل: قد أخرج البخاري ومسلم عن رواية عقبة بن عامر الجهني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنماً، فقسمها على أصحابه ضحايا، فبقي عتود، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال "ضح به أنت"، وهذا يدل على جواز التضحية بما دون الثني من المعز؛ لأن العتود بفتح العين وضم التاء ثالثة الحروف؛ كما قال الجوهري: من أولاد المعز ما رُعي وقوي، وأتى عليه حول.
قلنا: قد قال [به] بعض الأصحاب؛ تخريجاً كما قاله في الرقم للعبادي.
لكن الصحيح عدم الإجزاء.
وجواب الحديث: أنه وقع في حديث عقبة هذا من رواية يحيى بن بكير عن الليث ابن سعد، وفيه: "ولا رخصة لأحد فيها بعدك".