التحلل، فبقي سبعة أشهر، ثم تحلل بعمرة، ولم يعلم في الصحابة مخالف لهذا القول؛ فثبت أنه إجماع، ويخالف المحصر من وجهين:
أحدهما: أن الحصر يمنع الوقوف، بخلاف المرض.
والثاني: أنه يتخلص من أذى العود ومقاساته، ويرجع إلى وطنه، والمريض لا يزول بالتحلل مرضه.
فإن قيل: يلزم على هذا الفرق: أن العدو إذا أحاط بالمحرم من جميع الجهات، وحصره عنها، أنه لا يجوز له التحلل؛ لأنه لا فائدة [له] فيه.
قال الماوردي: قلنا: ليس للشافعي رضي الله عنه في هذه المسألة نص، [واختلف أصحابنا فيها على وجهين]، وحكاهما في "الشامل"، وفي "الوسيط" [حكاهما] قولين:
أحدهما: لا يتحلل؛ لما ذكرناه.
والثاني: وهو الصحيح: أنه يتحلل؛ لأنه يتخلص عن بعض الأذى، وهو العدو الذي في وجهه؛ لأنه بالإحلال والعود لا يحتاج إلى الغارة.
وأما ما تمسك به الخصم من الآية حيث قال:
إن لفظة "أحصر" مختصة بالحصر بالمرض؛ كما حكاه الأزهري وغيره، أو هي مستعملة في الحصر بالعدو وبالمرض؛ كما قاله آخرون؛ فتستعمل فيهما.
فجوابه: أن استعمالها فيهما إن كان لكونه حقيقة في أحدهما، ومجازاً في الآخر، فعنده أنه لا يجوز أن يستعمل اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، وقد ثبت جواز التحلل بالعدو بما ذكرناه، عملاً بالآية فثبت أنها لا تستعمل في المرض.
وإن كان لكونه حقيقة فيهما، فقد دلت الآية على إرادة الحصر بالعدو؛ حيث قال سبحانه: {فَإِذَا أَمِنتُمْ} [البقرة: ١٩٦] فتعين والله أعلم.
وغير المرض من الأعذار، مثل: إعواز النفقة، والضلال في الطريق، والخطأ في العدد كما قال البندنيجي عند الشرط وعدمه كالمرض.
وعند الشيخ أبي محمد اختصاص المرض [بذلك] وأنه لا يطرد فيما إذا شرط التحلل عند الضلال، ونحوه؛ لأن المجوز للتحلل بالشرط في المرض [إنما