ووجه الدلالة منه على هذه الرواية: أنه جعل أضحانا يوم نضحي، وفطرنا يوم نفطر، وفيه تنبيه على أن عرفتنا يوم نعرف.
ولأن الآفات المانعة من الرؤية في هذا الشعر من الغيوم وغيرها لا يؤمن مثلها في الضقاء مع ما فيه من المشقة العظيمة الفادحة؛ لأن في ذلك إبطالاً للسفر الطويل والمال [الكثير].
وقال القاضي الحسين: لماذا أسقط القضاء في هذه الصورة؟ فيه معنيان:
أحدهما: أنه لا يؤمن مثله في القضاء، فيؤدي إلى ما لا يتناهى.
والثاني: للحوق المشقة لكافة الخلق.
وأبدى لذلك فوائد:
منها: أنهم لو علموا بالخطأ بعد طلوع الفجر يوم النحر هل لهم أن يقفوا بعرفة أم لا؟ قال: يحتمل وجهين:
إن قلنا بالمعنى الأول، فهاهنا ليس لهم ذلك؛ حتى لو وقفوا لا يجزئهم، لأن مثل ذلك يقع نادراً ويؤمن وقوع مثله في القضاء؛ وهذا ما ادعى في "التهذيب": أنه المذهب، ووجهه بأنهم وقفوا مع يقين الصواب.
قال القاضي: وإن قلنا بالمعنى الآخر؛ جاز؛ وهذا ما مال إليه الرافعي؛ وقال: إن ما ادعاه في "التهذيب" غير مسلم؛ لأن عامة الأصحاب ذكروا أنه لو قامت البينة على رؤية الهلال يوم العاشر بمكة، [و] لا يمكنهم من حضور الموقف بالليل [أنهم] يقفون من الغد، ويحسب لهم؛ كما قال الشافعي:"إذا شهد شاهدان برؤية الهلال ليلة الحادي عشر، أو بعد الزوال يوم العاشر [في زمن لا يمكن اجتماع الناس فإنهم يخرجون من الغد، ويصلون العيد أداءً للصلاة، لا قضاء" فإذا لم يحكم بالفوات لقيام الشهادة ليلة العاشر، لزم مثله في اليوم العاشر].
والصورة الثانية: أن يشهد اثنان برؤية الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة، فيقف الناس [في تاسع] يوم؛ بناء على ذلك، ثم يتبين أنهما [كانا] كافرين، أو