وحكى الإمام قولاً مخرجاً في المسألة: أنه لا يمكنه التدارك والحالة هذه، وسنذكر ممَّ خرَّج؟
وقد روى عن عمر – رضي الله عنه – أنه رد رجلاً لم يودع من بطن مر.
قال: وإن نفرت الحائض بلا وداع، لم يلزمها دم؛ لما روى [مسلم] عن عائشة قالت: حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت، قالت عائشة: فذكرت حيضتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحابستنا هي؟ " قال: فقلت: يا رسول الله، إنها كانت قد أفاضت، وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فلتنفر".
وجه الدلالة منه: أنه أمرها بالنفر، ولم يأمرها بالدم، ولو كان واجباً لبينه، كما فعلفي حديث كعب بن عجرة؛ فإنه لا يجوز له تأخير البيان عن وقت الحاجة.
نعم: لو نفرت ثم طهرت قبل مفارقتها بنيان مكة، كان حكمها حكم الطاهر [في الوداع].
وإن كان بعد مفارقة البنيان، فهي كما لو لم تطهر، قاله القاضي أبو الطيب، والماوردي، والقاضي الحسين، والشيخ في"المهذب"، وغيرهم وعزاه الإمام إلى النص، وقال: إن من الأصحاب من خرج من نصه على أن الرجل إذا خرج من غير وداع ولم ينته إلى مسافة القصر: أنه يمكنه التدارك؛ بأن يعود [ويطوف] ويسقط [عنه الدم]: أنه يلزمها العود إذا لم تنته إلى مسافة القصر، فإن لم تعد، لزمها الدم.
كما خرج من هنا إلى ثم قولاً: أنه لا يمكنه التدارك بالعود، ويستقر عليه الدم، وجعل في المسألتين قولين:
وإن منهم من أقر النصين، وهو الأصح في الرافعي.
والفرق: أن المرأة حين المفارقة، لم تكن من أهل الوداع، بخلاف الرجل.