قال القاضي أبو الطيب: و [قد] روي أنه – عليه السلام – لما دخله، لم يرفع رأسه إلى السقف حتى خرج؛ تعظيماً له.
قال: و [هو] من سنن دخوله.
وقد روي عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت:"عجباً للمرء المسلم إذا دخل الكعبة كيف يرع بصره قبل السقف؟! ليدع ذلك؛ إجلالاً لله تعالى، وإعظاماً؛ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها".
قال: ويصلي فيه – أي: النفل – اقتداء به صلى الله عليه وسلم؛ فإنه صلى [فيه كما ذكرناه.
وروى أبو داود عن عبد الرحمن بن صفوان قال:
قلت لعمر بن الخطاب: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين] دخل الكعبة؟ قال:"صلى ركعتين".
والأفضل إذا صلى أن يقصد مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا دخل من الباب مشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريباً من ثلاثة أذرع، فيصلي، لما ذكرناه، ويكون مساؤه في جوانبه من الدعوات المهمة، مع حضور القلب والخشوع، وليكبر، وليعلم أنه في أفضل الأرض.
فإن قيل: قد أخرج البخاري عن ابن عباس:"أن النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل البيت، كبر في نواحيه، وفي زواياهن ثم خرج، ولم يصل فيه"، وهذا معارض لما تقدم.
قلنا: لا تعارض؛ لأن "الأول إثبات وهذا نفي، والإثبات مقدم".
أما صلاة الفرض، فالقياس أن تكون خارجاً عنه أفضل؛ للخروج من خلاف الأئمة؛ فإن مالكاً – رحمه الله – لا يرى بالصحة؛ وهذا كما قلنا: إن الأفضل إيقاع ما فاته من الصلاة منفرداً؛ للخروج من خلاف أبو حنيفة – رحمه الله – فإنه لا يرى