والأفضل عدم النفر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله، فإن قيل: إذا كان هو الأفضل، فما معنى قوله تعالى:{وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة:٢٠٣]؟
قيل: فيه تأويلات:
أحدها: قاله ابن مسعود: أن من تعجل في يومين، فلا إثم عليه، أي: كفرت سيئاته، وكذلك من تأخر.
والثاني: أن معنى الآية: من تأخر، ورمى، فلا إثم عليه؛ فإنه إذا تأخر، ولم يرم، أثم.
والثالث: أن التعجيل رخصة وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن يؤخذ برخصه، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه"، فأعلمنا الله تعالى: أن من رغب عن هذه الرخصة، وأقام إلى اليوم الثالث، لم يكن عليه إثم.
والرابع: أنها وردت على سبب، فإن قوماً قالوا: لا يجوز التعجيل، وقوماً قالوا: لا يجوز التأخير؛ فنزلت الآية على ذلك.
قال: فإن نفر قبل الغروب، ثم عاد زائراً، أو ماراً – أي بعد الغروب – لم يلزمه الرمي؛ لأنه حصلت له رخصة بالنفر؛ وكذا لو عاد لأخذ شيء نسيه.
ولو رحل من منى، فغربت الشمس عليه، وهو سائر قبل انفصاله منها، لم يلزمه الرمي أيضاً ولا المبيت؛ لأن عليه في الحط بعد الارتحال مشقة.
نعم: لو كان مشغولاً بالتأهب، فغربت الشمس؛ فوجهان في "الشامل" وغيره:
أحدهما: لا يلزمه المقام، وهو المذكور في "تعليق القاضي أبي الطيب" لا غير، واختاره في "المرشد".
وقال الرافعي: إن الأصح مقابله، وقد حكاه فيما لو نفر قبل الغروب، ثم عاد