والقائل: "كان أبي" هو جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر، كأنه شك في هذا الفصل: هل رفعه جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟
فإن قيل: الآية والخبر ظاهرهما دال على الوجوب؟
قبل في جوابه: هي صلاة؛ فلا تختص بمكان معين؛ كسائر الصلوات؛ فلذلك حملناهما على الاستحباب.
قال القاضي الحسين: ولو لم يفعلها خلف المقام، فالمستحب أن يفعلهما في الحجر؛ [لأن ابن عمر فعلهما في الحجر] تحت الميزاب.
قال في "التهذيب": فإن لم يفعل، ففي المسجد؛ فإن لم يفعل، ففي أي موضع شاء.
قال: يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؛ لما ذكرناه من خبر جابر.
قال: وهل تجب هذه الصلاة أم لا؟ فيه قولان:
أصحهما: أنها لا تجب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم [في قصة الأعرابي]: "خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة" فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوع"، وهذه زائدة على الخمس.
ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود، لم يشرع لها أذان ولا إقامة، ولا تتقيّد بوقت مخصوص؛ فلم تجب بالشرع؛ كسائر النوافل.
وأيضاً: فقد ذكر الشافعي – رضي الله عنه- في القديم: أنه لو صلى فريضة بعد الطواف، حسبت له عن ركعتي الطواف؛ لرواية ذلك عن ابن عمر، ولم يذكر له مخالفة، ولو كانت واجبة لما دخلت في ضمن فريضة؛ لأن الواجبين لا يتداخلان؛ كذا قاله القاضي، وفيه شيء ستعرفه.
ووجه الوجوب: أنه صلى الله عليه وسلم لما طاف راكباً، نزل فصلى الركعتين خلف المقام، فلو