الوقوف بـ"عرفة"، [وبـ"مزدلفة"]، وهو المذكور في "تعليق القاضي أبي الطيب"؛ فإنه قال: أفعال الحج كالوقوف بـ"عرفة" وبـ"مزدلفة"، والطواف، والسعي، هل يفتقر كل فعل منها إلى نيّة أم لا؟
اختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة مذاهب:
قال أبو إسحاق: ليس شيء منها يفتقر إلى نية سوى الطواف؛ لأنها أبعاض الحج، ونية الحج تشملها؛ [كما أن الركعات أبعاض الصلاة، ونية الإحرام تشملها] وإنما افتقر الطواف إلى النية؛ لأنه صلاة، والصلاة تفتقر إليها.
وقال ابن أبي هريرة: ما كان من هذه المواضع يختص بفعل [: كالسعي، والطواف والرمي- افتقر إلى النية، وما لم يكن يختص بفعل]، وإنما هو لبث مجرد: كالوقوف بـ"عرفة"، و"مزدلفة"، فإنه لا يفتقر إلى نية.
وحكى ابن المرزبان عن بعض أصحابنا: أن جميع ذلك لا يفتقر إلى النية.
لكن في "تعليق القاضي الحسين" في باب فوات الحج بلا إحصار: أن الشافعي- رضي الله عنه- قال: القصد والإقامة يعتبر في الحج في أربعة أشياء: في الإحرام، و [في] الوقوف، والطواف، والسعي.
وقد حكى في "التتمة" وجهين في افتقار كل ذلك إلى النية، وسنذكرهما من بعد، واعلم أن قولنا:"إن الطواف الفرض يفتقر إلى النية"، نريد بذلك نية أصل الفعل، لا كونه فرضاً؛ يدل على ذلك: أن الأصحاب قالوا: لو طاف للوداع، ولم يكن قد طاف طواف الزيارة، انصرف إليه.
وإن قلنا: إن طواف الوداع واجب؛ كما لو أحرم بحج منذور، وعليه فرض الإسلام – ينصرف إلى حج الإسلام، وفيه شيء سنذكره؛ ولذا قالوا لو طاف المحرم بالحج معتقداً أنه محرم بعمرة، أجزأه عن الحج؛ ذكره في "الروضة" عن الروياني.
قال: ثم يصلي ركعتي الطواف؛ لما روى أبو داود عن عبد الله بن أبي أوفي أن