بيت ريكم؟ إني مستخير ربي ثلاثاً، ثم عازم على أمري".
فلما مضى الثلاث أجمع أمره على أن ينقضها، فتحاماه الناس، ثم نقضوه حتى بلغوا به الأرض، وزاد فيه خمسة أذرع من الحجر حتى أبدى أساساً، فنظر الناس إليه فبنى عليه البناء، وألصق أرضه بالأرض، وجعل له بابًا شرقيًّ وباباً غربيًّا، وكان مستنده في ذلك ما رُوي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "لولا حدثان قومك بالشرك، لهدمت البيت، ولبنيته على قواعد إبراهيم، وألصقته بالأرض، وجعلت له بابين باباً شرقيًّا يدخل الناس منه، وبابا غربيًّا يخرج الناس منه".
فلما ظهر الحجاج على ابن الزبير وقتله، هدم البيت بالمنجنيق بأمر عبد الملك بن مروان وبناه هذه البنية التي هو عليها الآن.
وفي "الحاوي": أنه هدم زيادة ابن الزبير التي استطوف يها القواعد، وهو قول الأزرقي في تاريخ مكة، وأن الحجاج بناها على أساس قريش الذي كانت استقصرت عليه، وكبسها بما هدم منها، وسدّ الباب الذي في ظهرها، وترك سائرها لم يحرك منه شيئاً، وكل شيء فيها بناء ابن الزبير إلا الجدار الذي في الحجر؛ فإنه بناء الحجاج، وسد الباب الذي في ظهرها، وما تحت عتبة الباب الشرقي الذي يدخل منه، ثم همَّ عبد الملك لما صح عنده الخبر بهدمه وإعادته على الهيئة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل له: لا تفعل كي لا يصير ذلك [ملعبة للملوك].
وقد حكى القاضي أبو الطيب: أن الشافعي - رضي الله عنه - قال: "وأحب أن تترك الكعبة على حالها؛ لأن هدمها يذهب بحرمتها، ويصير كالتلاعب بها، فلا يريد إنسان ولي تغييرها إلا هدمها؛ فلذلك استحسنا تركها على ما هي عليه".
والشاذروان هو القدر الذي ترك من عرض الأساس خارجاً عن عرض الجدار مرتفعاً عن وجه الأرض قدر ثلثي ذراع، والتارك له -كما قال النواوي؛ حكاية عن أصحابنا وغيرهم- قريش حين بنوا البيت، وضاقت بهم النفقة، وهو ظاهر في جوانب