أحدهما: أنه سماه: صلاة، وهو لا يضع الأسماء اللغوية، وإنما يكسبها أحكاماً شرعية، وإذا ثبت أنه في الشرع صلاة، لم يجز بدون طهارة الحدث والخبث [ولا] مع كشف العورة.
والثاني: أنه جعله صلاة، واستثنى من أحكامها الكلام، فلو كان الطواف صلاة في معنى دون معنى، لم يكن لاستثناء حكم واحد من جملة أحكامها معنى.
وقد ورد دليل آخر على اشتراط ستر العورة قيه، وهو ما رُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: كنت مع عليّ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة إلى أهل مكة قال: فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننادي ألا يدخل الجنة إلا مؤمن، وألاَّ يحج بعد هذا العام مشرك، وألاَّ يطوف بالبيت عُريان.
والسبب في ذلك: أن الناس في الجاهلية كانوا يطوفون بالبيت عراة، ويرون ذلك أفضل؛ ليكونوا كما خُلِقوا، وكانت المرأة تشد على فرجها سيوراً.
وقيل: كانوا يفعلون ذلك، ويقولون: لا نعبد ربنا فى ثياب عصيناه فيها، وقد سمى الله تعالى ذلك: فاحشة، وفي قوله تعالى:{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا}[الأعراف: ٢٨]، وإذا ثبت أن ذلك شرط كما فى الصلاة، ظهر منه أنه لا بد من طهارة البدن والثوب، وكذا المطاف؛ لأنه كموضع الصلاة.
لكن قد عمت البلوى بغلبة النجاسة في موضع الطواف من جهة الطير وغيره؛ فلأجل ذلك اختار جماعة من أصحابنا المتأخرين المحققين - كما قال النواوي - في "المناسك" أنه يعفى عنها، وأنه ينبغي أن يقال: يعفى عمَّا يشق، الاحتراز عنه