ولك آن تقول [في] الجواب عن الشيخ: [و] إن كلامه وإن كان في طواف القدوم، لكنه قد أحال الكلام في طواف الفرض عليه؛ لأنه لم يذكر حين ذكره صفته؛ فدلَّ على أن حكمهما واحد، إلا فيما وقع التنبيه عليه من الاضطباع والرمل.
الرابع- وهو الذي يفهمه كلام ابن الصباغ أيضاً؛ لأن عبارته في حكاية القولين كعبارة الشيخ-: أن محل الخلاف إذا حمله [محرمٌ، أما إذا حمله محلٌ] ونويا، فلا.
والذي يظهر أن يقال: إنه لا فرق؛ لأن الطواف يصح من غير المحرم - كما قاله القاضي الحسين وغيره عند الكلام في طواف الوداع - لأنه عبادة في نفسه، وإذا كان يصح منه، فلا فرق بينه وبين المحرم.
نعم: لو كان الخلاف مقصورًا على طواف الفرض، كان التقييد بالإحرام مقيداً؛ لأنه لا يتصور طواف الفرض إلاَّ من محرم.
ولقائل: أن يقول: لعل الشيخ إنما أشار بذلك للتنبيه على أن محل الخلاف في طواف الفرض؛ كما ذكرته، عن الماوردي من قبل، ويكون تعليل القولين ما ذكرته ابن الصباغ وغيره.
قيل: لو كان كذلك، لم يحتج إلى قوله:"ونويا جميعاً"؛ لأن طواف [الفرض] لا يفتقر إلى النية. ولكان له أن يقول: إن الخلاف الآتي فيه بلا شك؛ فيكون المراد الخروج عن الخلاف.
قلت: ويجوز أن يكون قول الشيخ: "ونويا جميعاً" أراد به التشبه على مذهب الخصم [في هذه المسألة] وهو أبو حنيفة فإنه قال: إذا نويا جميعاً، "وقع الطواف" عنهما"، وهو عندنا لا يقع عنهما؛ كما لو فقدت النية منهما، وقد تقدم ذكره، وقد يقع عن واحد منهما، ومن هو؟ فيه القولان.
ويجوز أن يكون قوله: "ونويا جميعاً"، أي: نويا الطواف عن المحمول؛ فإن فيه قولين حكاهما الفورانى وغيره.