للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى البخاري ومسلم عنه قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقد وهنتهم [حمى يثرب]، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتم الحمى، ولقوا منها شرًّا، فأطلع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوه، فأمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنين، فلما رأوهم رملوا، قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد وهنتهم؟ هؤلاء أجلد منا".

قال ابن عباس: "ولم يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا إبقاء عليهم"، وهذا صريح في أن الرمل لا يكون في جميع الطوفة، فلم عدلتم عن هذا؟

قلنا: قد حكى الإمام عن بعض الأصحاب رواية ذلك قولاً، لكن المشهور الأول وهو الأصح في "النهاية" وغيرها وما رواه ابن عباس لا يعارض ما تقدم؛ لأن الرمل في جمح الأشواط كان في حجة الوداع، والمشي بين الركنين كان في عمرة الحديبية؛ لأنه صلى الله عليه وسلم شرط على المشركين في الصلح الذي وقع يينه وبينهم سنة ست من الهجرة حين صدوه عن البيت - أن يرجع إلى "مكة" في العام القابل لعمرة القضية، ويدعوا له مكة ثلاثة أيام، فرجع إليهم قي العام القابل [العمرة القضية] وفرغوا له مكة ثلاثة أيام، وأقاموا على رءوس الجبال؛ فكان لا يقع بصر المشركين عليهم إذا كانوا بين الركنين، ففعل ذلك؛ رفقاً بهم؛ لما كان بهم من المرض، وأمرهم بالتجلد في الجهات التي تقع [عليهم] فيها أعين المشركين حين جلسوا لهم.

[تنبيه] آخر: الرمل - بفتح الراء-: الخبب، وهو سرعة المشي هع تقارب الخُطا، ومنه سُمِّى خفيف الشعر: رملاً.

وقال الماوردي والقاضي الحسين: إنه دون شدة العدو، وهو متقارب.

قال النواوي في "المناسك": قال أصحابنا: ومن قال: إنه دون الخبب، فقد غلط.

قال الشافعي - رضي الله عنه - "ولا أحب أن يثب من الأرض".

وهو مشروع سنة في طواف القدوم؛ إذا تعقبه السعي، بلا خلاف؛ كما

<<  <  ج: ص:  >  >>