على أن الكفارة تجب عليه دونها؛ كما قال الإمام؛ لأنها غرامة تعلق بالوطء فأشبهت المهر والكفارة، وكما لو كانت الموطوءة أمته؛ فإنه يجب عليه نفقتها في القضاء قولاً واحداً، وهذا ظاهر النص؛ فإنه قال:"يحج بامرأته"؛ ولأجله قال البندنيجي: إنه المذهب، [و] في العدة: إنه ظاهر المذهب، واختاره في "المرشد".
وعلى هذا لو زمنت وعجزت عن القضاء بنفسها، قال القاضي الحسين: لزمه أن يستأجر من يحج عنها.
وقيل: عليها النفقة [في القضاء] كنفقة الأداء، وكما لو كانت أجنبية وقد وطئها بشبهة أو سفاح.
ولأنها مختارة فى تمكينها، والكفارة وإن وجبت عليه دونها - كما سنذكره - فهى خارجة عن القياس، مستندة إلى حديث الأعرابى؛ فلا ينبغى أن تتخذ أصلاً في كل ما لا نص فيه.
وقول الشافعي - رضي الله عنه -[به:] ["يحج بامرأته"]، عني به: أن القضاء واجب عليها أيضاً، أو عني به: أنه يأذن لها في الحج، ولا يمنعها؛ كما قال القاضي الحسين.
وهذا الوجه أدعى في "البحر": أنه ظاهر المذهب، ثم قال: إنه الأصح.
وخرج القاضي أبو الطيب على هذا الخلاف ثمن ماء الاغتسال؛ ولأجله حكى فى "المهذب" فيه وجهان، اختار فى "المرشد" منها: أنه عليها؛ لأنه ليس من خصائص الوطء، وإنما يجب لأجل الصلاة.
قلت: وهذا منه بناء على أن رفع الحدث إنما يجب بدخول وقت الصلاة.
لكن لنا وجه أنه يجب بنفس الحدث وجوباً موسعاً، فللقائل الآخر أن يتمسك به ويمنعه.
أما إذا قلنا: تجب الكفارة عليها، فالنفقة أولى، والعمرة لا تحتاج في تحصيلها إلى نفقة في الغالب.