ويفارق الجماع في رمضان؛ لأن الموجب من اللبس والحلق ونحوهما يجوز فعله في حالة العذر؛ فلذلك أبيح تقديم كفارته، والجماع لا يباح في صيام رمضان في حالة ما؛ فلا يباح تقديم كفارته.
وعلى هذا هل تتداخل الكفارتان؟ قيه وجهان أثبتهما الإمام قولين، وقال: إنه إذا اتحد المكان والزمان في اللباس، ولكنه تخلل في أثناء اللباس المتواصل تكفير، فهل يجب بما يقع بعد إخراج الكفارة كفارة؟ فيه اختلاف الأصحاب من جهة أن تخلل الموجب يؤثر في التعدد؛ اعتباراً بالحدود.
ثم اعلم أن الوجهين في تقديم الكفارات في الإحرام مختصين بما يجوز فعله في حالة ما كما أشرنا إليه في الفرق، ومن ذلك يظهر لك جريانهما في جواز تقديم جزاء الصيد كما صرح به الماوردي، أما ما لا يجوز فعله في الإحرام أصلاً: كالوطء، فلا يجوز تقديم كفارته قبل وجوبها وجهاً واحداً.
وكذا الدم الذي يجب بترك النسك: كدم الفوات، ومجاوزة الميقات، والدفع من عرفة قبل الغروب، وترك المبيت بـ"مزدلفة"، ورمي الجمار، والمبيت بـ"منى"، والصدور من مكة بلا وداع؛ لأن النسك الذي يتعلق به وجوب الدم مأمور يفعله بعد تقديم الدم كما كان مأموراً بفعله قبل تقديم الدم، فلما لم يجز أن يكون الدم الذي لم يؤمر به بعد وجوبه بدلاً من النسك المأمور به مع إمكان فعله والله أعلم.
قال: وإن جامع - أي المكلف في الفرج - أي: من قبل أو دبر - بغير حائل عامدًا عالماً بالتحريم في العمرة، أو في الحج قبل التحلل الأول – أي: قبل الوقوف – أو بعده، فسد نسكه: أما في الحج؛ فلقوله تعالى:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة: ١٩٧]، والرفث: الجماع؛ يدل عليه قوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} الآية [البقرة: ١٨٧]، والنهي كما قال ابن عباس يقتضي الفساد.
وقد روي مثل ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وأبي هريرة، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين-.
وأيضاً: فقد ادعى الماوردي، والقاضي الحسين فيما إذا وطئ قبل الوقوف-