للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحل القولين بالاتفاق إذا كان سبب اللبس والتطييب واحداً؛ كما إذا لبس لحر أو برد، فلو اختلفا: بأن لبس المنعيط؛ لأجل البرد، وغطى رأسه؛ لأجل الحر - قال الماوردي وكذا القاضي أبو الطيب: اختلف أصحابنا فيه:

فمنهم من قال – أيضاً-: فيه قولان.

ومنهم من قال: قولاً واحداً: لا تتداخل الكفارة، ويكون اختلاف الأسباب بمنزلة اختلاف الأجناس، وليس بشيء؛ لأن الشافعي - رضي الله عنه - اعتبر اختلاف الأجناس دون اختلاف الأسباب.

وقد أبدل في "المهذب" لفظ المجالس بـ"الأوقات المتفرقة"، والكل متقارب.

واحترز يقوله: "في مجالس" عما إذا والى بين اللبيسن أو بين التطيبين؛ فإنه لا يلزمه إلا فدية واحدة، وإن وقع ذلك في لحظات، بحيث يعد في العرف والعادة متواليًا، وسواء اختلف الملبوس، بأن أدرع قميصاً ولبس عمامة ولبس خُفًّا، أو اتحد.

ووجهه: أن ذلك يُعد فعلاً واحداً؛ ألا ترى أنه لو حلف: لا يأكل في اليوم إلا أكلة [واحدة] فجلس من أول النهار إلى آخره يوالي الأكل - لم يحنث، وكان ذلك فعلاً واحداً.

ولك أن تقول: الموالاة تخرج بقوله: "ثم"، لأن وضعها الترتيب والتراخي؛ فلم يكن به حاجة إلى ذكر المجالس.

ولو حلق ثم حلق، أو قلم ثم قلم في مجالس قبل التكفير، قال الشيخ أبو حامد: لا تداخل قولاً واحداً؛ لأن ذلك إتلاف؛ فتعدد موجبه، كما لو قتل صيدًا، ثم آخر، أو قلع شجرة من الحرم، ثم أخرى؛ فإنه يتعدد الموجب عندنا قولاً واحداً.

وهذه الطريقة لم يورد الماوردي والبندنيجي غيرها مع القطع بأنه لو والى بين ذلك لم يجب إلا فدية واحدة، وهي التي صححها الرافعي، وقد حكاها القاضي أبو الطيب مع طريقة أخرى، وهي أن الحلق والتقليم بمنزلة الطيب واللباس، وعليها فروع:

أحدها: لو حلق ثلاث شعرات في مجالس قبل التكفير، أو قلم ثلاثة أظفار، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>