للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القولين؛ لما روي عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استمتع بأهلك حتى تأتي الميقات، فتحرم منه".

ولأنه - عليه السلام - حج مرة واعتمر ثلاثاً، وأحرم في جميعها من الميقات، ولم يحرم في شيء منها قبل الميقات، ولو كان الإحرام قبل الميقات أفضل لاختاره صلى الله عليه وسلم لنفسه، وفعله ولو مرة؛ لينبه الناس على فضله؛ ولأنه أقل تغريراً بالعبادة؛ وهذا ما رواه البويطي والمزني في "جامعه الكبير"، ونسب إلى الجديد؛ وعلى هذا فلو أحرم من دويرة أهله، فقد ترك الأولى.

وقال الإمام: إن بعض الأصحاب أطلق الكراهة في التقديم، ولست أرى ذلك.

[وقد] عزا في "الإبانة" الكراهة على هذا إلى الجديد، وكلام "الوسيط" مشير إليه.

ولو نذر أن يحرم بالحج من دويرة أهله، فقياس من أطلق الكراهة: ألا ينعقد نذره، وقياس من قال: إنه إذا فعل ذلك فقد ترك الأولى، أن يكون الحكم كما لو نذر الحج ماشياً، وقلنا: إنه راكباً أفضل؛ فإن له أن يحج راكباً- ألا يلزمه هنا الإحرام من دويرة أهله، ويجوز له تأخيره إلى الميقات، وقد صرح في "المهذب" بأنه يلزمه من دويرة أهله إذا نذر ذلك، وأنه إذا جاوزه غير محرم، كان كمن جاوز الميقات وأحرم دونه في وجوب العود والدم.

قال: ومن دويرة أهله في القول الآخر؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]، وقد تقدم تفسيره.

وفي "الإبانة": أنه روي عنه - عليه السلام - أنه قال: "من تمام الحج والعمرة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>