للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرباب [الأموال] الزكوات فيها إلى الإمام بأنفسهم، فقد ذكرنا عن الأصحاب أن نصيب العامل يسقط أيضاً؛ فهو كما لو فرقها رب المال- وفيه ما تقدم – وإن كان في صورة لا يسقط فيها سهم العامل، وهي إذا حصل السعاة الزكوات من أرباب الأموال، وأحضروها إلى الإمام؛ لكونه لم يفوض إليهم إلا القبض دون الصرف – وهو جائز – فالإمام يجب عليه [تعميم] آحاد الصنف إذا فرق كما تقدم، وحينئذ لا يكون قوله: "وأقل ما يجزئ أن يدفع إلى ثلاثة من كل صنف" موافقاً لما قاله الأصحاب، وقد يجاب عن ذلك بوجهين ضعيفين:

أحدهما: أن مراده الحالة الأخيرة، وقولكم: إن الإمام إذا فرق يجب عليه الاستيعاب، ممنوع؛ لان الغزالي – رحمه الله – في "الوجيز" أطلق القول بأنه لا يجب استيعاب آحاد الأصناف، بل يجوز الاقتصار على ثلاثة؛ فإنه أقل الجمع، ولم يفصل بين أن يكون المفرق رب المال أو الإمام، وبه صرح الفوراني حيث قال: الإمام في قسمة جميع الصدقات كرب المال في [قسمة] صدقة نفسه خصوصاً، والمستحب: أن يوصل سهم كل صنف إلى جميع أهل ذلك الصنف وإن كانوا ألفاً، وإن أوصل من كل صنف إلى ثلاثة فصاعداً أجزأ ذلك، وعلى هذا: إذا فرق الإمام إلى اثنين يكون كرب المال.

الثاني: سلمنا أن الإمام إذا فرق وجب عليه الاستيعاب، لكن نفرض الكلام فيما إذا كان المفرق هوا لساعي حيث جعل له الإمام الصرف ونقول له الاقتصار على ثلاثة من كل صنف؛ لأن المعنى الذي لأجله فرقنا بين الإمام ورب المال في ذلك- وهو ما ذكرناه عن الماوردي – مفقود فيه؛ لأنه لا يقبض كل الصدقات، بل صدقات أقوام مخصوصين؛ ولهذا [المعنى] حكينا عن الماوردي عند قول الشيخ: "ويجب صرف [زكاة] المال إلى ثمانية أصناف"، أن الساعي إذا كان هو الصارف ليس له أن يخص بكل صدقة صنفاً كالإمام؛ لأن نظره خاص لا يستقر إلا على ما جباه،

<<  <  ج: ص:  >  >>