ووجه الأول- وهو بيان وقت الوجوب- قوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام: ١٤١] لأن تقديرها: وآتوا حقه الواجب وقت حصاده إذ لا يمكن أن يكون ذلك "اليوم" ظرفاً للإيتاء لأمرين:
أحدهما: أنه يجوز تأخيره عنه بل قد لا يتأتى الدفع فيه، وأنه متوقف على اليبس والدياس والتصفية بعده كما ستعرفه.
والثاني: أنه لو أخره عنه لم يوصف بالقضاء، ولو كان وقتاً للإخراج لكان إذا أخر عنه وفعل كان قضاء؛ كما نقول في زكاة الفطر إذا أخرت عن يوم الفطر، وإذا كان كذلك تعين أن يكون ظرفاً لأصل الوجوب، وحينئذ يكون الأمر بالإيتاء غير مؤقت بل متى تمكن منه فعله.
وإذا تقرر ذلك في الزرع بمقتضى الآية نظراً إلى اختصاص لفظ "الحصاد" به- كما تقدم في قول الشافعي- كان فيها تنبيه على أن وقت وجوبها في الثمار وقت بدو صلاحها؛ لأن حالة بدو الصلاح فيها كحالة استحقاق الصحاد في الزرع؛ فإن فيهما تؤمن الجائحة عليهما ولذلك جوز الشرع بيعهما في الحالين، ومنع منه قبلهما من غير شرط القطع، ومن هنا قال البندنيجي: إن وقت الوجوب فيهما وقت جواز البيع مطلقاً. يعني: من غير شرط القطع، وقد استدل الماوردي للمدعي فيهما بوجهين:
أحدهما: أن المقصود بالزكاة المواساة بالمال المنتفع به، وما لم يشتد الزرع ويبد صلاح الثمرة لا ينتفع بهما غالباً فلم تجب الزكاة فيهما.
والثاني: أن الزكاة استحداث حق شائع في المال، لأنه لا يصح بيعه إلا باشتراط القطع، واشتراط القطع لا يصح في المشاع فلأجل ذلك لم تجب فيه الزكاة وهذا هو الجديد والصحيح.
وعن صاحب "التقريب": حكاية قول غريب أن وقت الوجوب هو الاشتداد