ما حكاه الفوراني تفريعاً على هذا القول، وكذا أبو علي الطبري وآخرون. وإن كان لا يجد ما يؤدي، قال الشافعي: أخذ الساعي من الرهن إن كان الواجب من جنس المال كالشاة من الأربعين، وإن كان من غيره؛ مثل أن يكون المال خمساً من الإبل، باع جزءاً من بعير بقدر شاة، وإن تعذر ذلك بيع بعير واشترى منه شاة، وكان الباقي رهناً، قال ابن الصباغ: قال أصحابنا: إنما قال الشافعي هذا القول على الجديد أن الزكاة تجب في المال، فأما على القول القديم، وهو أن الزكاة تتعلق بالذمة، فقد اختلف أصحابنا فيه:
فقال أبو علي في "الإفصاح": استوى حق الزكاة وحق الرهن؛ لأن كل واحد منهما يتعلق بالعين والذمة، وإذا استويا فللشافعي في حق الله تعالى وحق الآدميين إذا استويا ثلاثة أقوال تأتي في الكتاب.
[وقال آخرون -وعليه الأكثر - كما قال ابن الصباغ: إن الرهن مقدم على حق الزكاة؛ لأمرين:
أحدهما: أن الرهن أسبق.
والثاني: أنه تعلق بالمال بعقد صاحب المال ورضاه؛ فكان آكد مما تعلق به بغير تعليقه، فإن كان على الراهن دين لغريم آخر كان حق المرتهن مقدماً، ثم الزكاة ثم الغريم الآخر.
وهذا الطريق لم يورد البندنيجي سواه، وقال القاضي أبو الطيب: إنه غير صحيح، لأن تقديم وجوب حق المرتهن لو كان له تأثير لمنع وجوب الزكاة في المال؛ كما أن المال المرهون لا يتعلق به حق رهن آخر؛ لأن حق المرتهن الأول به يمنع من ذلك؛ فلما لم يمنع تقدم حق المرتهن تعلق حق الزكاة بالمال لم يكن لتقدمه تأثير، وأما العلة الثانية، فيدخل عليه حق الجناية؛ فإنه وجب عن غير عقد، وتقدم على حق الراهن الواجب بالعقد، وهذا الذي ذكرناه هو المشهور، وهو المحكي عن أبي إسحاق.
وعن ابن أبي هريرة، وأبي حامد القاضي: أنه إذا لم يكن مال آخر تؤخذ الزكاة من عين المرهون بلا خلاف إن كان الواجب من جنس المال، وإنما يكون