فإن قلت: الغزالي قد قال: إن الصداق قبل القبض وبعده عند الشافعي تجب فيه الزكاة، وعنده أن الأجرة كالصداق، كما قاله [مجلي].
قلت: عدم التفرقة في الصداق بين ما قبل القبض وبعده مبني- كما قال في "الإبانة"- على أنه في يد الزوج مضمون عليه ضمان يد لا عقد أما إذا قلنا: إنه مضمون ضمان عقد، فقد قال في "الإبانة": إنه كالمبيع سواء، ولا خلاف في أن الأجرة في يد المستأجر مضمونة ضمان عقد، فكيف يمكن أن تكون عند الشافعي كالصداق سواء؟ فظهر أن ما قلناه هو الظاهر، وقد زاد في "التتمة" على ما ذكرناه، فقال: إذا قلنا: إن الصداق مضمون ضمان يد، فإن لم يكن قد طالبت به وجبت الزكاة، وإن طالبت به فامتنع من التسليم فهو كالمغصوب وقال: وحكم مال الخلع والصلح عن دم العمد كالصداق سواء.
قلت: وينبغي أن يلحق بهما الجعل في الجعالة، والله أعلم.
ولو كانت الأجرة مؤجلة بآخر المدة، قال ابن الصباغ: حكمها حكم المعجلة. وهذا فيه نظر؛ بل ينبغي أن يتخرج على الخلاف في أن الدين المؤجل هل تجب فيه الزكاة أم لا كما تقدم، فإن أوجبناها فيه فهي كالمعجلة، ولو كانت الأجرة حالة غير مقبوضة، فهي دين، فإن لم نوجب فيه الزكاة فلا كلام [فيه]؛ وإن أوجبناها فيه، فهي كالمقبوضة وهذا ما ظهر لي تفقها وهو موافق لقول مجلي، والله أعلم.
قال: وفي المال المغصوب، والضال، والدين على مماطل قولان.
اعلم أن الأصحاب حكوا في وجوب الزكاة في المال المغصوب والضال قولين، كما حكاهما الشيخ:
أحدهما: الوجوب لمفهوم قوله عليه السلام: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" ولأن الأدلة الواردة في إيجاب الزكاة في المال الزكاتي لم