التسنيم؛ لأجل ما ذكره أبو علي من التعليل، ودفع ما رد به عليه بأنه- عليه السلام- كان يقوم للجنازة، فقيل له: إن اليهود تفعله؛ فتركه.
ثم قال: حتى ظن ظانون أن القنوت إذا صار شعاراً لهم جاز تركه، وهذا بعيد، وإنما نخالفهم في هيئات مثل التختم في اليمين وأمثاله، وما حكاه في أمر القنوت حكاه الإمام عن رواية بعضهم عن الشافعي. ثم قال: وهذا النقل مزيف، والشافعي- رحمه الله- أعلى من أن يدعو إلى ترك بعض من أبعاض الصلاة بسبب إقامته المبتدعة، والقول بذلك يرمي إلى التزام أمور لا سبيل إلى التزامها، ولا جرم قال الغزالي: إنه بعيد.
وقوله:"وإنما يخالفهم في هيئات مثل التختم في اليمين وأمثاله"، أشار به إلى أن التختم في اليمين قد صار [شعاراً لهم]؛ فترك لأجل ذلك، ويتختم في اليسار، وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتختم في اليمين، إذ هو هيئة، وحمله على ذلك أن الإمام قال بعد حكايته عن بعض الأصحاب: إن الأمر فيه قريب، ولكن أخبرني من أثق به من أئمة الحديث أن الذي ظهر وصح من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التختم في اليسار. انتهى.
فعلى هذا يكون التختم فيه سنة بأصل الشرع، لكن قد ذكرت في باب ما يكره لبسه الأحاديث الواردة في ذلك، وأن الصحيح أن التختم في اليمين أفضل، ثم قول الغزالي:"وإنما نخالفهم في هيئات" قد يفهم [منه] اختيار ما صار إليه ابن أبي هريرة من ترك الجهر بالسلام إذ صار شعاراً لهم؛ لأنه هيئة، وليس