ابن محمد بن أبي بكر الصديق- قال: دخلت على عائشة- رضي الله عنها- فقلت: يا أمَّه، اكشفي لي عن قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء. قال أبو علي: يقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدم، وأبو بكر عند رأسه، وعمر عند رجليه، رأسه عند رجلي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال أبو داود في "المراسيل": عن صالح بن أبي صالح: رأيت قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبراً أو نحواً من شبر، يعني في الارتفاع، والمعنى في الرفع: أن يعلم أنه قبر فيتجنب من الحدث عليه وغيره، وليترحم على الميت من رآه، وهذا إذا كان الدفن في دار الإسلام، فلو دفن في دار الحرب أخفي بحيث لا يظهر لأحد؛ مخافة أن يتعرض له الكفار بعد خروجهم من دار الحرب، وقد تضمن الخبر أن [رأس أبي بكر بين كتفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورأس عمر عند رجليه].
وقال البندنيجي: إنه روى أن رأس أبي بكر بين كتفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورأس عمر بين كتفي أبي بكر؛ ليكون كل واحد دون رتبة صاحبه.
فإن قيل: قد روى أبو داود عن أبي هياج الأسدي، قال: بعثني عليُّ فقال: "أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سوَّيته، ولا تمثالاً إلا طمسته" وأخرجه مسلم، وهذا صريح في عدم الرفع.
قال أصحابنا: لم يرد به التسوية مع الأرض، وإنما أراد أن يسطحه؛ جمعاً بين الحديث وفعل الصحابة.