وينبغي أن يكون القميص خلقاً أو رقيقاً ينزل الماء عنه إلى البدن، ثم إن كان واسع الكمين أدخل يده منهما وصب الماء فوقه، وإن كان ضيق الكمين شق الدخاريص بقدر ما يدخل فيه يده، والقميص الضيق في نفسه كالمفقود، فيطرح على الميت ما يستر عورته، وهو ما بين السرة والركبة كما قاله الجمهور هاهنا مقتصرين عليه، وعلى هذين الحالين- أعني حالة اتساع القميص وضيقه أو فقده- حمل اختلاف نصه؛ فإن المزني نقل أنه يطرح عليه ما يواري ما بين سرته وركبته، ثم قال: وقال في موضع آخر: يغسل في قميص. وليس له في ذلك قولان كما يفهمه ظاهر لفظ المزني، كذا قاله البندنيجي وغيره. وقد أفهم كلام الشيخ هنا مع كلامه السابق أن هذا القميص يلبسه حالة الغسل، وهو الذي صرح به المسعودي وغيره، كما شقال الرافعي، والغزالي [قال] تبعاً لإمامه: إنه يغسل في قميصه الذي مات فيه، ولا ينزع عنه حين موته؛ بل يترك ليغسل فيه؛ لأنه فعل به- عليه السلام- كذلك، وإن كان ولابد من ذلك فلعله فيما إذا كان خلقاً كما ذكرناه.
قال: وغير المسخن من الماء أولى؛ لأن المسخن يرخيه والبارد يقويه، إلا أن يحتاج إلى المسخن، أي: لوسخ لا يخرجه غيره، أو لشدة برد يمنع الغاسل من تعاطي الغسل؛ فحينئذ يكون المسخن أولى للحاجة.
ولو كان ما عليه من الوسخ لا يخرج إلا بعد تليينه بالدهن- لينه به، قاله البندنيجي وغيره.
وفي "الجيلي" أنه قيل: إن المسخن أولى بكل حال، وهو في غيره منسوب لأبي حنيفة، رحمه الله.
وينبغي أن يوضع ماء الغسل في إناء كبير بعيد عن المغتسل؛ بحيث لا يصل إليه من رشاش الماء المستعمل شيء فيفسده: إما لنجاسته إذا قلنا: إن الميت ينجس، أو لاستعماله [إذا قلنا]: إنه لا ينجس، ثم يغرف منه بإناء صغير ويوضع في إناء آخر صغير يستعمله الغاسل، كذا نص عليه.
قال: وينوي غسله؛ لأنه غسل لا لإزالة العين، فشرعت النية فيه كالغسل من الجنابة.