للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطول الدعاء، نظر: إن [لم يكن] محل تشهده؛ بأن أدركه في الثانية، أو في الرابعة، بطلت صلاته؛ لأنه قعد في محل القيام، وإن كان محل تشهده، لا تبطل.

لكن قوله: "أن يقوم بعد سلامه" يحتمل أنه أراد السلام التام، وبه صرح في باب موقف الإمام والمأموم. والله أعلم.

قال: ومن أدرك [الإمام] قائماً، فقرأ بعض الفاتحة، ثم ركع الإمام؛ فقد قيل: يقرأ، ثم يركع؛ لأنه لما لزمه بعض القراءة، لزمه إتمامها، ولا فرق على هذا بين أن يكون قد تشاغل بدعاء الاستفتاح [حين أحرم أو شرع في القراءة، إلا في دعاء الاستفتاح]، كما سنذكره.

وقيل: يركع، ولا يقرأ؛ لقوله عليه السلام: "وإذا ركع فاركعوا"، ولأن المسبوق تسقط عنه [كل] القراءة؛ لفوات محلها؛ فبعضها أولى، وهذا ظاهر النص، وادعى في "التتمة" أنه المذهب.

قال القاضي الحسين: ولا فرق فيه بين أن يشتغل بدعاء الاستفتاح والتعوذ، أم لا؛ لأنه من جملة معقود صلاته؛ كالفاتحة.

وعن الشيخ أبي زيد أنه إن اشتغل بدعاء الاستفتاح والتعوذ، قرأ بعد ركوع الإمام بقدره، وإن لم يشتغل بشيء من ذلك، ركع مع الإمام، وهذا أصح عند القفال والمعتبرين؛ كما قال الرافعي.

وقال القاضي أبو الطيب في باب صفة الصلاة: إن الشافعي نص في "الأم" على أنه إذا اشتغل بدعاء الاستفتاح والتعوذ، مع علمه بأنه إذا فعل ذلك لا يتمكن من قراءة كل الفاتحة؛ حتى يرفع الإمام رأسه من الركوع- نوى مفارقته، وأتم صلاته لنفسه.

التفريع: إن قلنا بالأول؛ فركع مع الإمام، بطلت صلاته، وإن أتم القراءة، وأدرك الإمام في الركوع [فذاك، وإن لم يدركه في الركوع]، فهذا متخلف عن الإمام بعذر؛ كذا قاله الأصحاب، والمتخلف عن الإمام بالعذر قد ذكرنا حكمه في مسألة الزحام.

<<  <  ج: ص:  >  >>