للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يظهر أن يكون مأخذ الوجهين في التشهد أيضاً؛ فإن محل تشهد المسبوق ثانيته، لا أولاه، ومنه يظهر لك- لو قيل به- أن الوجهين في الجواز، لا في الاستحباب.

والطريقة الثانية: أن يقنت مع الإمام وجهاً واحداً؛ بناءً على أن المتفق على البطلان [فيه] عند العمد، وسجود السهو عند السهو: ما إذا طول الركن القصير بركن قولي: كالفاتحة والتشهد، وهل مأخذ ذلك أنه طول الركن القصير، أو أنه نقل ركناً من محله إلى غير محله، والقنوت مع الإمام لا يوجد فيه تطويل ركن قصير، ولا نقل ركن؛ فلذلك جاز وجهاً واحداً، وجاء في تشهده مع الإمام الوجهان. والله أعلم.

فإن قيل: قد نص الشافعي على أنه إذا فات الرجل مع الإمام ركعتان من الظهر، قضاهما بأم القرآن وسورة، والسورة إنما تشرع في أول الصلاة.

قيل: في جوابه وجهان:

أحدهما- قاله أبو حامد في "جامعه"-: أن للشافعي قولين في أنه هل يقرأ السورة في الركعتين الأخيرتين من الظهر، أم لا؟

وهذا جواب على أنه يقرأ، وهو ما نص عليه [الشافعي] في ["الإملاء" و] "الأم".

والثاني: أنا وإن سلمنا أنه لا يقرأ السورة في الأخيرتين؛ كما نص عليه [في القديم، ونقله المزني في "المختصر"؛ فهذا [محله] إذا أدرك فضيلة السورة في الأوليين، إما منفرداً، أو مأموماً أدرك أول الصلاة، وهذا لم يدرك تلك الفضيلة؛ فيأتي بالسورة؛ ليحوز فضلها، ومثله ما نص عليه]: أنه إذا لم يتعوذ في الأولى، يتعوذ في الثانية، وهذا جواب أبي إسحاق، وأكثر الأصحاب.

قال ابن الصباغ: وهذا أصح عندي. وكذا الإمام رجحه.

فإن قيل: يلزم على هذا أن يجهر فيما يأتي به إذا كانت صلاته عشاء؛ لأن الجهر سنة في الأوليين منها، ولم يدركه مع الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>