قال: ومن أحرم منفرداً، ثم نوى متابعة الإمام؛ أي: من غير أن يقطع صلاته- جاز في أحد القولين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بأصحابه، ثم ذكر أنه جنب؛ فقال لهم:"كونوا كما أنتم"، ودخل واغتسل، وخرج ورأسه يقطر ماء، واستأنف الإحرام، وبقي القوم على إحرامهم. فملا سبقوه بالإحرام، ولم يأمرهم باستئنافه؛ فقد خرجوا بعلمهم بجنابته من الإمامة؛ ودل [ذلك] على صحة صلاة من سبق الإمام ببعض الصلاة.
وقال الإمام: إن وجه الاستدلال منه أنا علمنا أنهم أنشأوا اقتداء جديداً؛ فإن اقتداءهم الأول لم يكن [صحيحاً. وفيه نظر؛ لأن ظهور الإمام محدثاً لا يقدح في كون صلاة المأمومين] جماعة على الأصح؛ كما ستعرفه.
[و] لأن أبا بكر [الصديق] صلى بالناس عند ضعف رسول الله صلى الله عليه وسلم [بأمره]؛ فلما وجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة خرج يتهادى بين [اثنين] العباس وعلي، والقوم في الصلاة؛ فوقف عن يسار أبي بكر، وصلى بالناس، وأبو بكر يبلغ عنه.
ووجه الدلالة منه: أن أبا بكر [صار] مأموماً بعدما كان إماماً، والإمام في حكم المنفرد؛ [لأنه لا يتبع غيره.
ولأنه لما جاز أن يكون منفرداً ثم يكون إماماً بأن يأتي من يقتدي به- جاز أن يكون منفرداً]، ثم يكون مأموماً؛ لأن الجماعة تتوقف على المأموم كما تتوقف على الإمام.