للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصل فيه قوله تعالى: {حَتَّى تَسْتَانِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: ٢٧] وقوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النور: ٦١] ومعناه: فليسلم بعضكم على بعض، ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر منادياً حتى نادى: "أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".

ثم حيث كان الابتداء به أدباً أو سنة، فالرد على المبتدأ-إذا كان مكلفاً-واجب؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦] وظاهره الوجوب، وهل الأفضل الرد، أو الابتداء بالتسليم؟ [قال القاضي الحسين:] فيه وجهان.

ثم إن اكن المسلم عليه واحداً فالرد [عليه] فرض عين؛ إذا كان من أهل الوجوب، ويكفيه إذا كان واحداً والمسلم عليه جماعة أن يقول: وعليكم السلام، ويقصد به الرد على الجميع؛ كما يسقط الفرض بصلاة الواحد على جمع من الجنائز: وإن كان المسلم عليهم جماعة فالرد فرض كفاية يسقط بفعل البعض، ويأثم الكل بالترك، ولو كان فيهم صبي لم يسقط الفرض به؛ كذا قاله القاضي الحسين في "كتاب الجمعة"، والمتولي، وأشار القاضي في موضع آخر منه إلى أنه يسقط على وجه، والخلاف جار فيما لو سلم الصبي على مكلف: هل يجب عليه الرد أم لا؟ وقد اختلف في أصله:

فالقاضي [الحسين] بناه على أن عمده عمد أو خطأ؟

والمتولي بناه على أنه يصح إسلامه أم لا؟

والاختلاف في البناء يقتضي الاختلاف في التصحيح، ولا خلاف في أنه يستحب إذا لم يجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>