للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠) العنوسة وتأخير سن الزواج: إن مشكلة العنوسة حقيقة لابد من مواجهتها كأحد مظاهر الأزمة العامة، التي تخنق مجتمعاتنا اليوم، ففي مصر مثلاً نُشر تقرير عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ونشرت ملخصاً له معظم الصحف، في ٥/ ٨/٢٠٠٢ م أن عدد العانسين من الجنسين، الذين بلغوا ٣٥ عاماً بدون زواج ٤١٣, ٩٦٢, ٨ من الشباب أي ما يقدر بحوالي تسعة ملايين شاب وفتاة (١)، فمن الطبيعي أن نرى بعض الانحرافات، في مجتمع بلغ عدد العانسين فيه هذا الرقم، مع ما فيه من التبرج، والاختلاط، وقلة فرص العمل، فلذلك كانت ظاهرة الزواج العرفي في مصر أكثر انتشاراً، وقد تتفاوت نسب العانسين في المجتمعات، ولكن حسبنا أن نقول: إن نسبة الفساد مرتبطةٌ تصاعدياً، مع نسبة العانسين، في أي مجتمع كان، وقد ألمح على ذلك رسولنا - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وفي رواية عريض" (٢)، في إشارة منه إلى أن عدم التزويج لاعتبارات مختلفة، وأعراف غير الدين والخلق، يؤدي إلى الفساد في الأرض، بل وصف هذا الفساد بالعريض، أو الكبير، لأن عدم التزويج يؤدي إلى العنوسة، التي بدورها تؤدي إلى الفساد، والإنسان مفطور على الشهوة، المركبة فيه، والميل إلى الجنس الآخر، فإذا لم تشبع هذه الرغبة وهذه الفطرة، بالزواج فلنا أن نتصور أنوعاً من العلاقات غير المشروعة لِإشباعها. ولا شك أن مشكلة تأخير الزواج، لها آثار اجتماعية خطيرة، يأتي في مقدمتها انتشار الفساد الأخلاقي، وتنامي ظاهرة الزواج العرفي، بآثارها النفسية، والاجتماعية، ومشكلاتها القانونية، ثم في النهاية، العلاقات الجنسية غير المشروعة، ولو أنا رجعنا إلى العوامل التي تكمن خلف هذه المشكلة، (العنوسة) لوجدناها عديدة، منها، ازدياد تكاليف الزواج بصورة مزعجة، نتيجة النزعة المادية، الطاغية في المجتمعات الإسلامية، ووضع الصعوبات والعراقيل في وجه الشباب، بسبب المفاخرة الكاذبة، والتباهي غير المشروع، ومنها عدم وجود حياة اجتماعية سليمة يتم من خلالها، التعارف النظيف بين الأسر، مما يقلل فرص الإقبال على الزواج، ومنها الحرص عند بعض


(١) انظر مجلة المجتمع الكويتية من مقال للدكتور عصام العريان العدد ١٥١٩، بتأريخ ٢١/ ٢٠٠٢ م.
(٢) أخرجه ابن ماجة في كتاب النكاح م ١ ج ٢/ ٦٢٦ برقم ١٩٦٧، والترمذي في كتاب النكاح ٣/ ٣٩٤ برقم ١٠٨٤، والحاكم في المستدرك في كتاب النكاح وقال صحيح الإسناد، وقال الذهبي فيه عبد الحميد أخو فُليح قال أبو داوود كان غير ثقة، وفيه وثيمة لا يُعرف. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، في كتاب النكاح، ٧/ ١٣٢ برقم ١٣٤٨١، وحسنه الألباني في الإرواء ٦/ ٢٦٦ برقم ١٨٦٨ ..

<<  <   >  >>