فإنما قيد بالحلف لكونه داخلًا تحت المبالغة يعني إذا نكل من قام له لوث من ولاة الدم على القسامة فردت على المدعى عليه فحلف خمسين يمينًا لردها كما توجهت كما يأتي في قوله فترد على المدّعى عليه فيحلف كل خمسين ومن نكل حبس حتى يحلف وسقط عنه القتل فعليه جلد مائة وحبس سنة لثبوت ذلك بما أوجب القسامة ومفهوم قوله وحلفه إنه إن نكل سقط قتله أيضًا لكن يحبس حتى يحلف كما يأتي (والقسامة) أحد ما يجب به القتل أو الدية (سببها قتل) أي إهلاك (الحر المسلم) وإن غير بالغ بجرح أو ضرب أو سم أو نحوها لا خصوص جز الرقبة (في محل اللوث) بفتح اللام وسكون الواو فمثلثة وهو أمر ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي ويعبر عنه باللطخ فلا قسامة في جرح ولا في عبد ولا في كافر وسيذكر هذه المفاهيم بقوله ومن أقام شاهدًا على جرح أو عبد أو جنين حلف واحدة الخ وذكر للوث الذي تتسبب عنه القسامة خمسة أمثلة أولها قوله: (كأن يقول) شخص (بالغ) ذكر أو أنثى لا صبي ولو مراهقًا على المعتمد وإن وجبت فيه القسامة بغير قوله كما مر وشرط البالغ العقل كما يشعر به يقول إذ المجنون لا يتأتى منه قول معتبر شرعًا (حر مسلم قتلني فلان) عمدًا بل (ولو) قال قتلني (خطأ أو) كان القاتل
ــ
(في محل اللوث) قول ز أمر ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي الخ. هذا التعريف في ضيح وهو غير مانع لصدقه على البينة (كأن يقول بالغ) هذه هي التدمية وقال في ضيح لم يوافق المالكية على أصل التدمية إلا الليث ورأي الجمهور أن قبولها يشتمل على قبول قول المدعى بلا بينة وقد علم أن الدماء أعظم من الأموال وهو لو قال عند موته لي عند فلان كذا لم يقبل وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عنه عليه الصلاة والسلام لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه ورأى علماؤنا أن هذه الدعوى لا تشابه دعوى المال ولا غيره لأن هذا أصول قائم بنفسه ومن تحقق مصيره إلى الآخرة وأشرف على الموت فلا يتهم في إراقة دم مسلم ظلمًا وغلبة الظن في هذا تنزل منزلة غلبة الظن في الشاهد وكيف لا والغالب من أحوال الناس عند الموت التوبة والاستغفار والندم على التفريط وردّ المظالم فكف يتزود من دنياه قتل النفس هذا خلاف الظاهر وغير المعتاد اهـ.
(حر مسلم) أما العبد فلا يقبل قوله لأنه مدع لغيره كذا ذكر خش ويرد عليه إقرار الحر بالخطأ والصواب لأنه ليس من أهل الشهادة كالصبي والكافر وأما المسخوط والمرأة فهما من أهلها في الجملة (ولو خطأ) قال في المقدمات إن قال قتلني خطأ ففي ذلك عن مالك روايتان إحداهما أن قله يقبل (أو) وتكون معه القسامة ولا يتهم والثانية أنه لا يقبل قوله لأنه يتهم أن يكون أراد إغناء ولده وهو قول ابن حازم وجه الرواية الأولى أنه استحقاق دم فوجب أن يستحق بما يستحق به دم العمد ووجه الرواية الثانية أن الواجب في دم الخطأ الدية على العاقلة فأشبه قوله عند الموت لي عند فلان كذا وكذا وهذا أظهر في القياس والرواية الأولى أشهر اهـ.