وَغَيْرِهِ: أَنَّ الخِلاَفَ لَفْظِيٌّ يرجِعُ إِلَى أَنَّهُ هَلْ المُرَادُ الوَاجبُ لِعَيْنِهِ أَو لغيرِهِ؟ فمن أَرَادَ الأَوَّلَ قَالَ: إِنَّهُ المعرفةُ، ومَنْ أَرَادَ الثَّانِي قَالَ: إِنَّهُ النَّظَرُ أَو القَصْدُ إِلَى النَّظَرِ,
قَالَ الشَّارِحُ: بَلْ هو مَعْنَوِيٌّ تَظْهَرُ فَائدتُهُ فِي المعصيةِ بِتَرْكِ النّظرِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهُ، دُونَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ.
قُلْتُ: قَد عَرَفْتَ بتقريرِ الإِمَامِ أَنَّهُ وَاجِبٌ جَزْمًا، إِلا أَنَّهُ وُجُوبُ الوسَائلِ دُونَ المقَاصدِ، فَكَيْفَ يقَالُ: لاَ يُعْصَى عِنْدَ مَنْ لَمْ يُوجِبْه؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ص: وذو النَّفْسِ الأَبِيَّةِ يَرْبَأُ بِهَا عَنِ سَفْسَافِ الأُمُورِ ويَجْنَحُ إِلَى معَاليهَا.
ش: لمَّا بدأَ بمعرفةِ اللَّهِ، ثنَّى بِالنظرِ فِي الموجودَاتِ من نفسِه وَغَيْرِهَا ذَاتًا وقولاً وفعلاً، فِيتعَاطَى معَاليهَا فِي الظَّاهِرِ، وهو عِلْمُ الشريعةِ وَالبَاطنِ، وهو عِلْمُ الحقيقةِ، وَيَجْتَنِبُ فِيهَا الرَّدِي التَّافِهَ، وهو الدُّنْيَا التي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صلَى/ (٢٠٦/أَ/د) اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ)) وقَالَ وَقَدْ مَرَّ بِجَدْيٍ أَشلَّ مَيْتٍ: ((لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ علَى اللَّهِ مِنْ هذَا علَى أَحَدِكُمْ)) وقَالَ: ((الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلا ذِكْرَ اللَّهِ، ومَا وَالَاهُ، أَو عَالِمًا أَو مُتَعَلِّمًا)) ولو لَمْ يَكُنْ فِي مَحَبَّةِ الدّنيَا مِنَ المفسدةِ إِلا الاشتغَالُ بِهَا عَنِ اللَّه تعَالَى.
وَقَدْ قَالَ بعضُهُم لِوَلَدِهِ: يَا بُنَيَّ لاَ تَغْبِطَنَّ أَهْلَ الدُّنْيَا علَى دُنْيَاهُمْ، فوَاللَّهِ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute